قوله: ﴿يُنسِيَنَّكَ﴾ قراءة العامة: "يُنْسِيَنَّك" بتخفيف السين من "أنساه" كقوله: ﴿وَمَآ أَنْسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ﴾ ﴿فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ﴾ وقرأ ابن عامر بتشديدها مِنْ "نَسَّاه" والتعدّي جاء في هذا الفعلِ بالهمزة مرةً وبالتضعيف أخرى كما تقندم في أنجى ونجَّى، وأمهل ومهَّل. والمفعول الثاني محذوف في القراءتين، تقديره: وإمَّا يُنْسِيَنَّك الشيطان الذكرَ أو الحق. والأحسنُ أن تقدِّر ما يليق بالمعنى أي: وإمَّا يُنْسِيَنَّك الشيطان ما أُمِرْت به من تَرْك مجالسه الخائضين بعد تذكيرك فلا تقعد بعد ذلك معهم، وإنما أبرازهم ظاهرين تسجيلاً عليهم بصفة الظلم، وجاء الشرط الأول بـ "إذا" لأنَّ خوضهم في الآيات محقق، وفي الشرط الثاني بـ "إنْ" لأنَّ إنساءَ الشيطان له ليس أمراً محققاً بل قد يقع وقد لا يقع وهو معصومٌ منه.
ولم يَجِيءْ مصدرٌ على فِعْلى غيرُ "ذكرى" وقال ابن عطية: "وإمَّا" شرط، ويلزمُها في الأغلب النون الثقيلة، وقد لا تلزم، كقوله:
١٩٤٨- إمَّا يُصيبْكَ عدوٌّ في مُنَاوَأَةٍ *....................
وهذا الذي ذكره مِن لزوم التوكيد هو مذهب الزجاج، والناس على خلافه وأنشدوا ما أنشده ابن عطية وأبياتاً أُخَرَ ذكرتها في "شرح التسهيل" كقوله:
١٩٤٩- إمَّا تَرَيْني اليومَ أمَّ حَمْزِ
على أني قد ضممت كثيراً من أطراف هذه المسألة في أوائل البقرة، إلا أن أحداً لم يقل يلزم توكيده بالثقيلية دون الخفيفة، وإن كان ظاهر عبارة أبي محمد ذلك.
* ﴿ وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَلَاكِن ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾
(٦/٢٦٢)
---


الصفحة التالية
Icon