قوله تعالى: ﴿وَمَا عَلَى الَّذِينَ﴾: يجوز أن تقدِّر "ما" حجازية فيكون "من شيء" اسمَها، و"من" مزيدة فيه لتأكيد الاستغراف، و﴿وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ خبرها عند مَنْ يُجيز إعمالَها مقدَّمة الخبر مطلقاً أو يرى ذلك في الظرف وعديله. و﴿مِنْ حِسَابِهِم﴾ حال من "شيء"؛ لأنه لو تأخر لكان صفة له، ويجوز أن تكون مهملةً: إمَّا على لغة تميم وإمَّا على لغة الحجاز لفواتِ شرطٍ وهو تقديم خبرها وإن كان ظرفاً، وتحقيق ذلك ممَّا تقدم في قوله: ﴿مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ
. قوله: ﴿وَلَاكِن ذِكْرَى﴾ فيه أربعة أوجه، أحدها: أنها منصوبةٌ على المصدر بفعلٍ مضمر، فقدَّره بعضهم أمراً أي: ولكن ذكِّروهم ذكرى، وبعضهم قدَّره خبراً أي: ولكن يذكرونهم ذكرى. الثاني: أنه بمتدأ خبره محذوف اي: ولكن عليهم ذكرى، أو عليكم ذكرى أي: تذكيرهم. الثالث: أنه خبر لمبتدأ محذوف أي: هو ذكرى اي: النهي عن مجالستهم والامتناع منها ذكرى الرابع: أنه عطف على موضع "شيء" المجرور بـ "مِنْ" أي: ما على المتِّقين من حسابهم شيء ولكن عليهم ذكرى فيكون من عطف المفردات، وأما على الأوجه السابقة فمن عطف الجمل، وقد رَدَّ الزمخشري هذا الوجهَ الرابعَ، وردَّه عليه الشيخ، فلا بد من إيراد قولهما. قال أبو القاسم: "ولا يجوز أن يكون عطفاً على محل "من شيء" كقولك: "ما في الدار من أحد ولكن زيد" لأن قوله "من حسابهم" يأبى ذلك.
(٦/٢٦٣)
---


الصفحة التالية
Icon