وقوله: ﴿وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ﴾ تحتمل وجهين. أحدهما: أنها مستأنفةٌ والثاني: أنها عطفٌ على صلةِ الذي أي: الذي اتخذوا وغَرَّتْهُم وقد تقدم معنى الغرور في آخر آل عمران وقيل: هنا غَرَّتهم من "الغَرّ" بفتح العين أي: ملأت أفواههم وأشبعتهم، وعليه قول الشاعر:
١٩٥٠- ولمَّا التَقَيْنا بالحُلَيْبَةِ غَرَّني * بمعروفِهِ حتى خرجْتُ أفوقُ
قوله: ﴿أَن تُبْسَلَ﴾: في هذا وجهان، المشهور- بل الإجماع - على أنه مفعول من أجله وتقديره: مخافة أن تُبْسَل، أو كراهة أن تُبْسَلَ، أو أن لا تبسل والثاني: قال الشيخ: - بعد أن نقل الاتفاق على المفعول من أجله - "ويجوز عندي أن يكون في موضعِ جرِّ على البدل من الضمير، والضميرُ مفسَّرٌ بالبدل، ويُضْمر الإبسالُ لما في الإضمار من التفخيم، كما أضمروا ضمير الأمر والشأن، والتقدير: وذكِّرْ بارتهان النفوس وحبسها بما كسبت كما قالوا: "اللهم صلِّ عليه الرؤوفِ الرحيمِ" وقد أجاز ذلك سيبويه قال: "فإ، قلت: "ضربت وضربوني قومك" نصبـ إلا في قول مَنْ قال: أكلوني البراغيث، أوتحملُه على البدل من المضمر. وقال أيضاً: "فإن قلتَ: "ضربني وضربتُهم قومُك" رَفَعْتَ على التقديم والتأخير، إلا أن تَجْعَلَ ههنا البلد كم جعلته في الرفع" انتهى. وقد روي قوله:
١٩٥١-............... *...... فاستاكَتْ به عُودِا إسْحِلِ
بجر "عُود" على البدل من الضمير. قلت: أمَّا تفسيرُ الضميرِ غيرِ المرفوع بالبلد فهو قول الأخفش وأنشد عليه هذا العجز وأوله:
إذا هي لم تَسْتَكْ بعودِأركةٍ * تُنُخَّلَ فاستاكَتْ به عودِ إسحلِ
(٦/٢٦٧)
---


الصفحة التالية
Icon