والمَلَكوت مصدر على فَعَلوت بمعنى الملك، وبُني على هذه الزنة، والزيادة للمبالغة وقد تقدَّم ذلك عند ذكر الطاغوت. والجمهور على مَلَكوت بفتح اللام، وقرأ أبو السَّمَّا بسكونها وهي لغةٌ. والجمهور أيضاً على "مَلَكوت" بتاء مثناة، وعكرمة قرأها مثلَّثة وقال: "أصلها ملكوثا باليونانية أو بالنبطيَّة" وعن النخعي هي ملكوثا بالعبرانية، قلت: وعلى هذا قراءة الجمهور يحتمل أن تكون من هذا، وإنما عُرِّبَتِ الكلمة فتلاعبوا بها، وهذا كما قالوا في اليهود: إنهم سُمُّوا بذلك لأجل يهوذا بن يعقوب بذال معجمة، ولكن لمَّا عَرَّبَتْه العرب أتوا بالدال المهملة، إلا أنَّ الأحسنَ أن يكون مشتقاً من المِلْك، لأنَّ هذه الزِّنَةَ وَرَدَت في المصادر كالرَغَبوت والرهبوت والجبروت والطاغوت. وهل يختصُّ ذلك بمِلْك الله تعالى أم يُقال له ولغيره؟ فقال الراغب: "والملكوت مختص بملك الله تعالى، وهذا الذي ينبغي". وقال الشيخ: "ومن كلامهم: له ملكوت اليمن وملكوت العراق" فعلى هذا لا يختصُّ".
والجمهور أيضاً على "نُرِي" بنون العظمة، وقرئ: "تُري" بتاء من فوق، "إبراهيم" نصباً، "ملكوت" رفعاً أي: نريه دلائل الربوبية فأسند الفعلَ إلى المَلَكوت مُؤَولاً بمؤنث فلذلك أَنَّث فعله.
قوله: "وليكونَ" فيه ثلاثة أوجه، أحدها: أن الواو زائدة أي: نُريه ليكون من الموقنين بالله، فاللامُ متعلقةٌ بالفعل قبلها، إلا أن زيادةَ الواو ضعيفةٌ، ولم يَقُلْ بها إلا الأخفش وفرقةٌ تبعته. الثاني: أنها علةٌ لمحذوف أي: وليكون أَرَيْناه ذلك. الثالث: أنها عطف على علة محذوفة اي: ليَسْتَدِلَّ وليكون أو ليقيم الحجة على قومه.
(٦/٢٨٧)
---


الصفحة التالية
Icon