قوله: ﴿وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ﴾ هذه الجملة يجوز أن تكونَ مستأنفة، أخبر عليه السلام بأنه لا يخاف ما تشركون به ربَّه ثقةً به، وكانوا قج خوَّفوه مِنْ ضررٍ يحصُل له بسبب سَبِّ آلهتهم، ويحتمل أن تكون في مَحَلِّ نصبٍ على الحال باعتبارين أحدهما: أن تكونَ ثانيةً عطفاً على الأولى، فتكون الحالان من الياء في "أتحاجونِّي". والثاني: أنها حال من الياء في "هداني" فتكون جملةً حالية من بعض جملة حالية فهي قريبة من الحال المتداخلة، إلا أنه لا بد من إضمار مبتدأ على هذا الوجه قبل الفعل المضارع، لما تقدَّم من أن الفعل المضارع بـ "لا" حكمُه حكمُ المثبت من حيث إنه لا تباشره الواو.
و"ما" يجوز فيها الأوجه الثلاثة: أن تكونَ مصدريةً، وعلى هذا فالهاء في "به" لا تعود على "ما" عند الجمهور، بل تعود على الله تعالى، والتقدير: ولا أخاف إشراكَكم بالله، والمفعول محذوف أي: ما تشركون غير الله به، وأن تكون بمعنى الذي، وأن تكون نكرةً موصوفة، والهاء في طبه" على هذين الوجهين تعود على "ما"، والمعنى: ولا أخاف الذي تشركون الله به، فحذف المفعول أيضاً كما حذفه في الوجه الأول، وقدَّر أبو البقاء قبل الضمير مضافاً فقال: "ويجوز أن تكون الهاءُ عائدة على "ما" أي: ولا أخاف الذي تشركون بسببه"، ولا حاجةَ إلى ذلك.
(٦/٢٩٩)
---