وقيل: الألف واللام فيه للتعريف كأنه قدَّر تنكيره. والثاني: أنه اسمٌ أعجمي لا اشتقاق له، لأن اليسع يقال له يوشع بن نون فتى موسى، فالألفُ واللام فيه زائدتان أو مُعَرِّفتان كما تقدَّم قبل ذلك، وهل "أل" لازمةٌ له على تقدير زيادتها؟ فقال الفارسي: إنها لازمة شذوذاً كلزومها في "الآن" وقال ابن مالك: "ما قارنت الأداة نَقْلَه كالنصر والنعمان، أو ارتجاله كاليسع والسموءل فإنَّ الأغلب ثبوتُ أل فيه، وقد تُحْذف".
وأمَّا قراءةُ الأخوين فأصله لَيْسَع كـ ضَيْغَم وَصَيْرَف وهو اسم أعجمي، ودخولُ الألفِ واللام فيه على الوجهين المتقدمين. واختار أبو عبيد قراءة التخفيف فقال: "سمعنا اسم هذا النبيّ في جميع الأحاديث: اليسع، ولم يُسَمِّه أحدٌ منهم اللَّيْسع" وهذا لا حجةَ فيه لأنه روي اللفظ بأحد لغتيه، وإنما آثروا الرواة هذه اللفظة لخفتها لا لعدم صحة الأخرى. وقال الفراء في قراءة التشديد: "هي أشبه بأسماء العجم". وقد تَقَدَّم أنَّ في نون "يونس" ثلاثَ لغات وكذلك في سين يوسف.
قوله: "وكلاً فَضَّلْنا" كقوله: "كلاًّ هَدَيْنَا".
* ﴿ وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾
قوله تعالى: ﴿وَمِنْ آبَائِهِمْ﴾: فيه وجهان، أحدهما: أنه متعلق بذلك الفعلِ المقدَّر أي: وهَدَيْنا من آبائهم، أو فَضَّلْنا من آبائهم، و "مِنْ" تبعيضية. قال ابن عطية: "وهدينا من آبائهم وذرياتهم وإخوانهم جماعات". فـ "مِنْ" للتبعيض والمفعول محذوف. الثاني: أنه معطوف على "كلاًّ" أي: وفضَّلنا بعض آبائهم. وقَدَّر ابو البقاء هذا الوجهَ بقوله: "وفَضَّلنا كلاً من ىبائهم [أو] وهَدَيْنا كلاً مِنْ آبائهم".
وقوله: "واجتَبَيْناهم" يجوز أن يعطف على "فَضَّلنا"، ويجوز أن يكون مستأنفاً وكرَّر لفظ الهداية توكيداً، ولأن / الهداية أصل كلِّ خبر.
(٦/٣٠٩)
---