والاقتداء في الأصل: طلبُ الموافقةِ، قاله الليث. ويقال: قُدْوَة [وقِدْوٌ، وأصله من القِدْو] وهو أصل البناء الذي يتشعَّبُ منه تصريف الاقتداء. و "بهداهم" متعلق بـ "اقتد". وجعل الزمخشري تقديمَه مفيداً للاختصاص على قاعدته. والهاءُ في "عليه" تعود على القرآن أو التبليغ، أُضْمرا وإن لم يَجْرِ لهما ذِكْرٌ لدلالة السياق عليهما. و "إنْ" نافية ولا عملَ لها على المشهور، ولو كانت عاملةً لبَطَلَ عملها بـ "إلاَّ". و "للعالمين" متعلق بـ "ذكرى" واللام مُعَدِّية، أي: إنْ القرآن إلا تذكير العالمين. ويجوز أن تكون متعلقةً بمحذوف على أنها صفة لـ "ذكرى" /.
* ﴿ وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ مَّا لَمْ تَعْلَمُوااْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿حَقَّ قَدْرِهِ﴾: منصوبٌ على المصدر وهو في الأصل صفة للمصدر، فلما أُضيف الوصف إلى موصوفه انتصب على ما كان سنتصب عليه موصوفه، والأصل: قَدْره الحق كقولهم: جَرْدُ قطيفة وسحق عمامة. وقرأ الحسن البصري وعيسى الثقفي: جَرْد قطيفة وسحق عمامة. وقرأ الحسن البصري وعيسى الثقفي: "قدَّروا" بتشديد الدال، "قَدَره" بتحريكها، وقد تقدَّم أنهما لغتان.
وقوله: "إذ قالوا" منصوب بـ "قَدَروا" وجعله ابن عطية منصوباً بقَدْره، وفي كلام ابن عطية ما يُشْعر بأنها للتعليل. و "من شيء" مفعول به زيدت فيه "مِنْ" لوجودِ شَرْطي الزيادة. قوله: "نوراً" منصوب على الحال وفي صاحبه وجهان، أحدهما: أنه الهاء في طبه" فالعامل فيها "جاء". والثاني: أنه الكتاب، فالعامل فيه "أنزل" و "للناس" صفة لـ "هدى".
(٦/٣١٣)
---


الصفحة التالية
Icon