والنحويون كلُّهم يقولون في "هذا ضاربُ الرجلِ": إن حذف التنوين للإِضافة تخفيفاً، ولا يقول أحدٌ منهم في مثل هذا: إنه حُذِفَ التنوين لالتقاء الساكنين. وقَدَّم وَصْفَه بالإِنزال على وَصْفِه بالبركة بخلاف قوله ﴿وَهَاذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ﴾ قالوا: لأن الأهمَّ هنا وصفُه بالإِنزال إذ جاء عقيب إنكارهم أن يُنَزِّل الله على بشر مِنْ شيء بخلاف هناك، ووقعت الصفة الأولى جملةً فعلية، لأن الإِنزال يتجدَّد وقتاً فوقتاً والثانية اسماً صريحاً، لأنَّ الاسمَ يدلُّ على الثبوت والاستقرار، وهو مقصود هنا أي: بركته ثابتة مستقرة، و "مصدِّق" صفة أيضاً أو خبر بعد خبر على القول بأن مبارك خبر لمبتدأ مضمر، ووقع صفةً للنكرة لأنه في نيَّة الانفصال كقوله: ﴿هَاذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا﴾ [وقوله]:
١٩٨١- يا رُبَّ غابِطنا لو كان يعرِفُكم *..............
وقال الواحدي: "ومبارك" خبر الابتداء فُصِل بينهما بالجملة، و التقدير: وهذا كتاب مبارك أنزلناه، كقوله: ﴿وَهَاذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ﴾ وهذا الذي ذكره لا يَتَمشَّى إلا على أنَّ قولَه "مبارك" خبر ثانٍ لـ "هذا"، وهذا بعيدٌ جداً، وإذا سُلِّم ذلك فيكون "أنزلناه" عنده اعتراضاً على ظاهر عبارته، ولكن لا يُحتاج إلى ذلك، بل يجعل "أنزلناه" صفة لـ "كتاب"، ولا محذورَ حينئذٍ على هذا التقدير، وفي الجملة فالوجهُ ما قَدَّمْتُه لك من الإِعراب.
(٦/٣١٧)
---


الصفحة التالية
Icon