قوله تعالى: ﴿كَذِباً﴾: فيه أربعة أوجه، أحدها: أنه مفعول "افترى" أي: اختلقَ كَذِباص وافتعله. الاثني: أنه مصدرٌ له على المعنى أي: افترى افتراءً، وفي هذا نظر؛ لأنَّ المعهود في مثل ذلك إنما هو فيما كان المصدر فيه نوعاً من الفعل نحو: "قعد القرفصاء" أو مرادفاً له كـ "قعدت جلوساً" أمَّا / ما كان المصدر فيه أعمَّ من فعله نحو: افترى كذباً وَتَقَرْفَصَ قعوداً، فهذا غيرُ معهود إذ لا فائدة فيه، والكذبُ أعمُّ من الافتراء، وقد تقدم تحقيقه. الثالث: أنه مفعول من أجله أي: افترى لأجل الكذب. الرابع: أنه مصدر واقع موقع الحال أي: افترى حال كونه كاذباً وهي حال مؤكدة. وقوله "أو قال" عطف على افترى، و "إلى" في محل رفع لقيامه مقام الفاعل. وجَوَّز أبو البقاء أن يكون القائم مقام الفاعل ضمير المصدر قال: "تقديره: أُوحي إليَّ الوحيُ أو الإِيحاء"، والأول أولى؛ لأن فيه فائدةً جديدة بخلاف الثاني فإن معنى المصدر مفهوم من الفعل قبله.
(٦/٣٢٠)
---