ثم قال: "والغَمْرَة معظمُ الماء لسَتْرها مقرَّها، وجُعِلت مثلاً للجهالة التي تغمر صاحبها". والغَمْر: الذي لم يجرِّبْ الأمور وجمعه أغمار، والغِمْر: - بالكسر - الحقد، والغَمْر بالفتح الماء الكثير، والغَمَر بفتح الغين والميم ما يغمر من رائحة الدسم سائرَ الروائح، ومنه الحديث: "من بات وفي يديه غَمَر"، وغَمِرَت يده وغَمِر عرضَه دنسٌ، ودخلوا في غُمار الناس وخمارهم، والغُمْرَة ما يُطْلَى به من الزَّعْفَران، ومنه قيل للقَدَح الذي يُتناول به الماء: غُمَرٌ، وفلان مغامِرٌ: إذا رَمى بنفسه في الحرب: إمَّا لتوغُّله وخوضه فيه، وإمَّا لتصور الغَمارة منه.
قوله: ﴿وَالْمَلاائِكَةُ بَاسِطُوااْ﴾ جملة في محل نصب على الحال من الضمير المستكنِّ في قوله "في غَمَرات" و "أيديهم" خفض لفظاً وموضعه نصب، وإنما سقطت النون تخفيفاً.
قوله: ﴿أَخْرِجُوااْ﴾ منصوب المحل بقول مضمر، والقول يُضْمر كثيراً تقديره: يقولون: أخرجوا، كقوله: ﴿يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ﴾ أي يقولون: سلامٌ عليكم، وذلك القول المضمر في محلِّ نصبٍ على الحال من الضمير في "باسطو"ز
قوله: ﴿الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ﴾ في هذا الظرف وجهان، أحدهما: أنه منصوب بـ "أخْرِجوا" بمعنى أخرجوها من أبدانكم، فهذا القول في الدنيا، ويدوز أن يكونَ في يوم القيامة، والمعنى: خلِّصوا أنفسكم من العذاب، فالوقف على قوله "اليوم". والابتداءُ بقوله ﴿تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ﴾. والثاني: أنه / منصوب بتُجْزون، والوقف حينئذ على "أنفسَكم"، والابتداء بقوله "اليوم" والمراد باليوم يحتمل أن يكون وقت الاحتضار وأن يكون يوم القيامة، و "عذابَ" مفعول ثان والأول قائم مقام الفاعل، والهُون: الهَوان، قال تعالى: ﴿أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُون﴾، وقال ذو الإِصبع:
١٩٨٥- اذهَبْ إليك فيما أمي براعيةٍ * ترعى المَخَاضَ ولا أُغْضي على الهُون
وقالت الخنساء:
(٦/٣٢٢)
---