قوله: "يُخْرج" يجوز فيه وجهان أحدهما: أنها جملة مستأنفة فلا محل لها. والثاني: أنها في موضع رفع خبراص ثانياً لـ إنَّ، وقوله "ومُخْرِج" يجوز فيه وجهان أيضاً، أحدهما: أنه معطوف على فالق - ولم يذكر الزمخشري غيره - أي: الله فالق ومخرج، أخبر عنه بهذين الخبرين، وعلى هذا فيكون "يخرج" على وجهه، وعلى كونه مستأنفاً يكون معترضاص على جهة البيان لِما قبله من معنى الجملة. والثاني: أن يكون معطوفاً على "يخرج"، وهل يُجعل الفعل في تأويل اسم ليصح عَطْفُ الاسم عليه، أو يُجعل الاسم بتأويل الفعل ليصحَّ عطفه عليه؟ احتمالان مبنيان على ما تقدم في "يخرج": إن قلنا إنه مستأنف فهو فعل غير مؤول باسم، فيُرَدُّ الاسم إلى معنى الفعل، فكأن مُخْرِجاً في قوة يُخْرج، وإن قلنا: إنه خبر ثان لـ "إنَّ" فهو بتأويل اسم واقعٍ موقع خبر ثان، فلذلك عُطِفَ عليه اسم صريح، ومِنْ عَطْفِ الاسم على الفعل لكون الفعل بتأويل اسم قولُ الشاعر:
٢٠٠٢- فألفيتُه يوماً يُبير عدوَّه * ومُجْرٍ عطاءً يَسْتَخِفُّ المعابرا
وقوله:
٢٠٠٣- يا رُبَّ بيضاءَ من العواهجِ * أمِّ صبيّ قد حَبَا أو دارج
وقوله:
٢٠٠٤- بات يُغَشِّيها بعَضْبٍ باترٍ * يَقْصِدُ في أَسْوُقِها وجائِرُ
أي: مبيراً، أو أمِّ صبي حابٍ، وقاصِدٍ.
* ﴿ فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ الْلَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذالِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾
وقوله تعالى: ﴿فَالِقُ الإِصْبَاحِ﴾: كقوله: "فالق الحب" فيما تقدم. والجمهور على كسر الهمزة وهو المصدر، يقال: أصبح يصبح إصباحاً، وقال الليث والزجاج: إن الصبح والصباح والإِصباح واحد، وهما أول النهار، وكذا الفراء. وقيل: الإِصباح ضوء الشمس بالنهار وضوء القمر بالليل، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. وقيل: هو إضاءة الفجر، نُقل ذلك عن مجاهد، والظاهر أن الإِصباح في الأصل مصدر سُمِّي به الصبح وكذا الإِمساء، قال امرؤ القيس: