قوله: ﴿وَجَاعِلَ الْلَّيْلَ﴾ قرأ الكوفيون: "جعل" فعلاً ماضياً، والباقون بصيغة اسم الفاعل، والرسم يحتملهما، والليل منصوب عند الكوفيين بمقتضى قراءتهم، ومجرور عند غيرهم، ووجه قراءتهم له فعلاً مناسبته ما بعده فإن بعده الإعالاً ماضية نحو: ﴿جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ﴾، ﴿وَهُوَ الَّذِيا أَنشَأَكُم﴾ إلى آخر الآيات، ويكون "سكناً": إما مفعولاً ثانياً على أن الجعل بمعنى التصيير، وإمَّا حالاً على أنه بمعنى الخلق، وتكون الحال مقدرة. وأمَّا قراءة غيرهم فجاعل يحتمل أن يكون بمعنى المضيِّ، وهو الظاهر، ويؤيده قراءة الكوفيين، والماضي عند البصريين لا يعمل إلا مع أل خلافاً لبعضهم في منَعِ إعمال المعرَّف بها، وللكسائي في إعماله مطلقاً، وإذا تقرر ذلك فـ "سَكَناً" منصوب بفعل مضمر عند البصريين، وعلى مقتضى مذهب الكسائي ينصبه به. وقد زعم أبو سعيد السيرافي أن اسم الفاعل المتعدي إلى اثنين يجوز أن يعمل في الثاني وإن كان ماضياً، قال: "لأنه لَمَّا أضيف إلى الأول تعذَّرت إضافته للثاني فتعيَّن نصبُه له". وقال بعضهم: "لأنه بالإِضافة أشبه المعرف بأل فعمل مطلقاً" فعلى هذا "سكناً" منصوب به أيضاً، وأما إذا قلنا إنه بمعنى الحال والاستقبال فنصبُه به. و "سَكَنٌ" فَعَل بمعنى مفعول كالقبض بمعنى مقبوض.
(٦/٣٣٧)
---


الصفحة التالية
Icon