قوله: ﴿نُّخْرِجُ مِنْهُ﴾ أي: من الخَضِر. والجمهور على "نُخْرج" مسنداً إلى ضمير المعظم نفسه. وقرأ ابن محيصن والأعمش "يخرج" بياء الغيبة مبنياً للمفعول، "حَبٌّ" قائم مقام فاعله، وعلى كلتا القراءتين تكون الجملة صفة لـ "خَضِراً" وهذا هو الظاهر، وجوَّزوا فيها أن تكون مستأنفةً، ومتراكب رفعاً ونصباً صفة لـ "حَبّ" بالاعتبارين.
قوله: ﴿وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ﴾ يجوز في هذه الجملة أوجه، أحدها: - وهو أحسنها - أن يكون "من النخل" خبراً مقدماً، و "من طَلْعِها" بدل بعض من كل بإعادة العامل فهو كقوله: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ﴾ و "قِنْوان" مبتدأ مؤخر، وهذه جملةٌ ابتدائية عُطِفَتْ على الفعلية قبلها. والثاني: أن يكونَ "قِنْوان" فاعلاً بالجار قبله وهو من النخل، و "من طلعها" على ما تقدم من البدلية، وذلك على رأي الأخفش. الثالثك أن تكون المسألة من باب التنازع، يعني أن كلاً من الجارَّيْن يطلب قنواناً على أنه فاعل على رأي الأخفش: فإن أعملت الثاني وهو مختار قول البصريين أضمرت في الأول، وإن أَعْمَلْتَ الأول - كما هو مختار قول الكوفيين - أضمرت في الثاني، قال أبو البقاء: "والوجه الآخر أن يرتفع "قِنْوان" على أنه فاعل "من طلعها" فيكون في "من النخل" [ضميرُ يفسره قنوان] وإن رفعت "قنوان" بقوله "ومن النخل" على قول مَنْ أعمل أول الفعلين جاز، وكان في "من طلعها" ضمير مرفوع". قلت: فقد أشار بقوله "على أنه فاعل "من طلعها" إلى إعمال الثاني.
(٦/٣٤٦)
---