(٦/٣٥٩)
---
هنا؟
الثالث: أن يكون "شركاء" هو المفعول الأول و "الجن" هو المفعول الثاني، قاله الحوفي، وهذا لا يَصِحُّ لِما عرفت أن الأول في هذا الباب مبتدأ في الأصل والثاني خبر في الأصل، وتقرَّر أنه إذا اجتمع معرفة ونكرة جَعَلْتَ المعرفة مبتدأ والنكرة خبراً، من غير عكس إلا في ضرورة، تقدَّم التنبيه على الوارد منها.
الرابع: أن يكون "شركاء الجن" مفعولين على ما تقدَّم بيانه. و "لله" متعلق بمحذوف على أنه حال من "شركاء"؛ لأنه لو تأخر عنها لجاز أن يكون صفة لها قاله أبو البقاء، وهذا لا يَصِحُّ؛ لأنه يصير المعنى: جعلوهم شركاء في حال كونهم لله أي: مملوكين، وهذه حال لازمة لا تنفك، ولا يجوز أن يقال إنها غير منتقلة لأنها مؤكدة إذ لا تأكيدَ فيها هنا، وأيضاً فإنَّ فيه تهيئةَ العامل في معمول وقَطْعَه عنه؛ فإن "شركاء" يطلب هذا الجارَّ ليعمل فيه والمعنى منصبٌّ على ذلك.
الخامس: أن يكون "الجنَّ" منصوباً بفعل مضمر جواب لسؤال مقدَّر، كأن سائلاً سأل فقال بعد قوله تعالى ﴿وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ﴾: مَنْ جعلوا لله شركاء؟ فقيل: الجنَّ، أي: جعلوا الجن، نقله الشيخ عن شيخه أبي جعفر بن الزبير، وجعله أحسن مما تقدَّم قال: "ويُؤَيِّد ذلك قراءةُ أبي حيوة ويزيد بن قطيب "الجنُّ" رفعاً على تقدير: هم الجن، جواباً لمن قال: [من] جعلوا لله شركاء؟ فقيل: هم الجن، ويكون ذلك على سبيل الاستعظام لما فعلوه والاستنقاص بمن جعلوه شريكاً لله تعالى. وقال مكي: "وأجاز الكسائي رفع "الجن" على معنى هم الجن"، فلم يَرْوِها عنه قراءةً، وكأنه لم يطَّلع على أن غيرَه قرأها كذلك.
(٦/٣٦٠)
---