وقرأ شعيب بن أبي حمزة ويزيد بن قطيب وأبو حيوة في رواية عنهما أيضاً "شركاءَ الجنِّ" بخفض "الجن"، قال الزمخشري: "وقرئ بالجر على الإِضافة التي للتبيين فالمعنى: أشركوهم في عبادتهم لأنهم أطاعوهم كما أطاعوا الله". قال الشيخ: "ولا يتضح معنى هذه القراءة، إذ التقدير: وجعلوا شركاء الجن لله". قلت: معناها واضح بما فسَّره الزمخشري في قوله، والمعنى: أَشْرَكوهم في عبادتهم إلى آخره ولذلك سَمَّاها إضافة تبيين، أي إنه بيَّن الشركاء كأنه قيل: الشركاء المطيعين للجن.
قوله: ﴿وَخَلَقَهُمْ﴾ الجمهور على "خَلَقَهم" بفتح اللام فعلاً ماضياً، وفي هذه الجملة احتمالان، أحدهما: أنها حالية فـ "قد" مضمرةٌ عند قومٍ وغير مضمرة عند آخرين. و الثاني: أنها مستأنفة لا محَلَّ لها، والضمير في "خلقهم" فيه وجهان، أحدهما: أنه يعود على الجاعلين أي: جعلوا له شركاء مع أنهم خلقهم وأوجدهم منفرداً بذلك من غير مشاركة له في خلقهم فكيف يشركون به غيره ممَّن لا تأثيرَ له في خلقهم؟ والثاني: أنه يعود على الجن أي: والحال أنه خلق الشركاء فكيف يجعلون مخلوقه شريكاً له؟
(٦/٣٦١)
---