وقوله ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ فيه وجهان. أحدهما: أنه نعت لمصدر محذوف أي: خَرَقُوا له خَرْقاً بغير علم قاله أبو البقاء وهو ضعيفُ المعنى، والثاني: - وهو الأحسنُ - أن يكونً منصوباً على الحال من فاعل "خرقوا" أي: افتعلوا الكذبَ مصاحبين للجهل وهو عدم العلم.
* ﴿ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾
قوله تعالى: ﴿بَدِيعُ﴾: قرأ الجمهور برفع العين، وفيها ثلاثةُ أوجهٍ، أظهرُها: أنه خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ أي: هو بديعُ، فيكون الوقفُ على قوله "والأرض" فهي جملة مستقلة بنفسها. الثاني: أنه فاعلٌ بقوله "تعالى"، أي تعالى بديع السموات، وتكون هذه الجملةُ الفعليةُ معطوفةٌ على الفعلِ المقدَّرِ قبلَها وهو الناصبُ لسبحان فإنَّ "سبحان" كما تقدَّم من المصادر اللازم إضمارُ ناصبِها. الثالث: أنه مبتدأ وخبرُه ما بعده من قوله ﴿أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ﴾. وقرأ المنصور "بديعِ" بالجر، قال الزمخشري: "رداً على قوله وجعلوا لله أو على سبحانه" كذا قاله، ولم يُبَيِّنْ على أيِّ وجهٍ من وجوهِ الإِعراب هو، وكذا الشيخُ حكاه عنه ومرَّ عليه، ويريد بالردّ كونَه تابعاً إمَّا: لله، أو للضمير المجرور في "سبحانه"، وتبعيَّتُه له على كونه بدلاً من "لله" أو من الهاء في "سبحانه"، ويجوز أن يكون نعتاً لله على أن تكون إضافةُ "بديع" محضةً كما ستعرفه، وأما تبعيَّتُه للهاءِ فيتعيَّنُ أن يكونَ بدلاً، ويمتنعُ أن يكون نعتاً وإن اعتقَدْنا تعريفَه بالإِضافة لمعارِضٍ آخر: وهو أن الضميرَ لا يُنعت، إلا ضميرَ الغائب على رأيِ الكسائي، فعلى رأيه قد يجوز ذلك.
(٦/٣٦٣)
---


الصفحة التالية
Icon