وقرأ أبو صالح الشامي "بديعَ" نصباً، ونصبه على المدح وهي تؤيد قراءةَ الجر. وقراءةُ الرفع المتقدمة يحتمل أن يكون أصلها الإِتباعُ بالجرَّ على البدل ثم قطع التابع رفعاً. وبديع يجوز أن يكونَ بمعنى مُبْدِع، وقد سَبَقَ معناه، أو يكونَ صفةً مشبهة أضيفت لمرفوعها كقولك: فلان بديع الشعر أي: بديعٌ شعرُهُ، وعلى هذين القولين فإضافته لفظية لأنه في الأول من بابِ إضافة اسم الفاعل لمنصوبه، وفي الثاني من بابِ إضافةِ الصفة المشبهة لمرفوعها، ويجوز أن يكونَ بمعنى عديم النظير والمِثْل فيهما، كأنه قيل: البديع في السموات والأرض، فالإِضافةُ على هذا إضافةٌ مَحْضَةٌ.
قوله: ﴿أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ﴾ أنَّى بمعنى كيف أو مِنْ أين، وفيها وجهان أحدهما: أنها خبر كان الناقصة و "له" في محل نصب على الحال، و "ولد" اسمُها، ويجوز أن تكون منصوبةً على التشبيه بالحالِ أو الظرفِ كقوله "كيف تكفرون بالله" والعاملُ فيها قال ابو البقاء: "يكن"، وهذا على رأي مَنْ يُجيز في "كان" أن تعمل في الأحوال والظروف وشبههما، و "له" خبر يكون و "ولد" اسمها. ويجوز في "يكون" أن تكونَ تامةً، وهذا أحسنُ، أي: كيف يُوْجَدُ له ولدٌ وأسباب الوَلَدِيَّةِ منتفيةٌ؟
قوله: "ولم تكنْ له صاحبةٌ" هذه الواو للحال، والجملةُ بعدها في محل نصب على الحال من مضمون الجملة المتقدمة أيك كيف يوجد له ولد والحال أنه لم يكن له زوج، وقد عُلِمَ أن الولد إنما يكون من بين ذكر وأنثى وهو مُنَزَّهٌ عن ذلك.
والجمهور على "تكن" بالتاء من فوق. وقرأ النخعي بالباء من تحت وفيه أربعة أوجه، أحدها: أن الفعل مسند إلى "صاحبة" أيضاً كالقراءة المشهورة، وإنما جاز التذكير للفصل كقوله:
٢٠٢٤- لقد وَلَدَ الأخيطِلَ أمُّ سوءٍ *.............
وقوله:
٢٠٢٥- إنَّ امرَأً غَرَّه في الدنيا واحدةٌ * بعدي وبعدك في الدنيا لمغرور
(٦/٣٦٤)
---