أي: لمَّا صار أمرُهم إلى ذلك عبَّر بهذه العبارة، والعلة غير مرادة في هذه الأمثلة، والمحققون يأبَوْن جَعْلَها للعاقبة والصيرورة، ويُؤَوِّلون ما وَرَدَ من ذلك على المجاز. وجَوَّز أبو البقاء فيها الوجهين: أعني كونَها لامَ العاقبة أو العلة حقيقةً فإنه قال: "واللام لام العاقبة أي: إن أمرَهم يَصير إلى هذا" وقيل: إنه قصد بالتصريف أن يقولوا دَرَسَتْ عقوبةً لهم" يعني فهذه علة صريحة وقد أوضح بعضهم هذا فقال: "المعنى: يُصَرِّف هذه الدلائل حالاً بعد حال ليقولَ بعضُهم دارَسَتْ فيزدادوا كفراً، وتنبيهٌ لبعضهم فيزدادوا إيماناً، ونحو: ﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً﴾. وأبو علي جعلها في بعض الراءات لام الصيرورة، وفي بعضها لام العلة فقال: "واللام في ليقولوا في قراءة ابن عامر ومَنْ وافقه بمعنى: لئلا يقولوا أي: صُرِفَت الآيات وأُحْكِمَتْ لئلا يقولوا هذه أساطير الأولين قديمة قد بَلِيَتْ وتكرَّرَتْ على الأسماع، واللام على سائر القراءات لام الصيرورة". قلت: قراءة ابن عامر دَرَسَتْ بوزن أَكَلَتْ وسَرَقتْ فعلاً ماضياً مسنداً لضمير الآيات، وسيأتي تحقيق القراءات في هذه الكلمة متواتِرها وشاذِّها. قال الشيخ "وما أجازه من إضمارِ "لا" بعد اللام المضمر بعدها "أَنْ" هو مذهب لبعض الكوفيين كما أضمروها بعد "أَنْ" المظهرة في ﴿أَن تَضِلُّواْ﴾، ولا يجيز البصريون إضمار "لا" إلا في القسم على ما تبيَّن فيه".
(٦/٣٦٩)
---


الصفحة التالية
Icon