ثم هذه اللام لا بدَّ لها من مُتَعَلَّق، فقدَّره الزمخشري وغيره متأخراً. قال الزمخشري: "وليقولوا جوابه محذوف تقديره: وليقولوا دَرَسَتْ نُصَرِّفها. فإن قلت: أيُّ فرق بين اللامين في لِيَقُولوا ولنبيِّنه؟ قلت: الفرق بينهما أن الأولى مجاز والثانية حقيقة، وذلك أن الآيات صُرِفَت للتبيين، ولم تُصْرَفْ ليقولوا دارست، ولكن لأنه لمَّا حصل هذا القولُ بتصريف الآيات كما حصل للتبيين شَبَّهَ به فَسِيْق مَساقَه، وقيل: ليقولوا كما قيل لنبيِّه". قلت: فقد نص هنا على أن لام "ليقولوا" علة مجازية. وجَوَّز بعضهم أن تكون هذه اللام نسقاً على علةٍ محذوفة. قال ابن الأنباري: "دخلت الواو في "وليقولوا" عطفاً على مضمر، التقدير: وكذلك نصرف الآيات لنُلْزِمَهم الحجةَ وليقولوا". قلت: وعلى هذا فاللامُ متعلقةٌ بفعلِ التصريف من حيث المعنى ولذلك قَدَّره مَنْ قدَّره متأخراً بـ "نُصَرِّف". وقال الشيخ: "ولا يتعيَّن ما ذكره المُعْرِبون والمفسِّرون من أن اللامَ لامُ كي أو لامُ الصيرورة، بل الظاهر أنها لام الأمر والفعل مجزوم بها، ويؤيده قراءة مَنْ سكن اللام، والمعنى عليه يتمكن، كأنه قيل: وكذلك نُصَرِّف الآياتِ وليقولوا هم ما يقولون مِنْ كونها دَرَسْتَها وَتَعَلَّمتها أو دَرَسَت هي أي: بَلِيَتْ وقَدُمَتْ، فإنه لا يُحْتَفَلُ بهم ولا يُلْتفت إلى قولهم، وهو أمرٌ معناه الوعيدُ والتهديدُ وعدمُ الاكتراث بقولهم أي: نُصَرِّفها وليدَّعُوا فيها ما شاؤوا، فإنه لا اكتراث بدعواهم".
(٦/٣٧٠)
---


الصفحة التالية
Icon