نعت أو بدل، وقُرئا منصوبَيْنِ موفرعَيْنِ، وتوجيه ذلك إلى ما ذكر في ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، وتقدَّم الكلامُ في اشتقاقهِما في البسملة/ فأغنى عن إعادته.
* ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾
يجوز أن يكونَ صفةً أيضاً أو بَدَلاً، وإن كان البدلُ بالمشتقِّ قليلاً، وهو مشتقٌّ من المَلْك بفتح الميم، وهو الشدُّ والربط، قال الشاعر:
٤٥- مَلَكْتُ بها كَفِّي فَأَنْهَرْتُ فَتْقَها * يَرَى قائمٌ مِنْ دزنِها ما وراءها
ومنه: "إملاكُ العَروسِ"، لأنه عَقْدٌ وربط للنكاح.
وقُرئ "مالِك" بالألف، قال الأخفش: "يقال: مَلِكٌ بَيِّنُ المُلْكِ بضم الميم، ومالكٌ بيِنُ المَِلْكِ بفتح الميم وكسرها"، ورُوِي ضَمُّها أيضاً بهذا المعنى. ورُوي عن العربِ: "لي في هذا الوادي مَلْك ومُلْك ومَلْك" مثلثةَ الفاء، ولكنَّ المعروف الفرقُ بين الألفاظ الثلاثة، فالمفتوحُ الشدٌّ والربطُ، والمضمومُ هو القهرُ والتسلُّطُ على مَنْ يتأتَّى منه الطاعةُ، ويكونُ باستحقاقٍ وغيره، والمكسورُ هو التسلطُ على مَنْ يتأتَّى منه الطاعةُ ومَنْ لا يتأتَّى منه، ولا يكونُ إلا باستحقاق فيكونُ بين المكسور والمضموم عمومٌ وخصوصٌ من وجه. وقال الراغب: "والمِلْك -أي بالكسر- كالجنس للمُلْك- أي بالضم -فكل مِلْك -بالكسر- مُلك، وليس كل مُلك مِلكاً"، فعلى هذا يكون بينهما عمومٌ وخصوصٌ مطلقٌ، وبهذا يُعرف الفرقُ بين مَلِك ومالِك، فإن مَلِكاً مأخوذ من المُلْك، بالضم، ومالِكاً مأخوذ منالمِلْك بالكسر. وقيل: الفرقُ بينهما أن المَلِك اسمٌ لكل مَنْ يَمْلِكُ السياسة: إمَّا في نفسِه بالتمكُّن من زمام قُواه وصَرْفِها عَنْ هواها، وإمَّا في نفسه وفي غيره، سواءٌ تولَّى ذلك أم لم يتولَّ.
(١/٢٨)
---


الصفحة التالية
Icon