وممَّا رُجِّحَتْ به قراءةُ "مَلِك" ما حكاه الفارسي عن ابن السراج عن بعضِهم أنه وصَفَ نفسَه بأنه مالكُ كلِّ شيء بقوله: ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ فلا فائدةَ في قراءةِ مَنْ قَرَأَ: "مالك" لأنها تكرارٌ، قال أبو عليّ: "ولا حُجَّة فيه لأنَّ في التنزيل مِثلَه كثيراً، يُذْكَرُ العامُّ ثم الخاصُّ، نحو: ﴿هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِىءُ الْمُصَوِّرُ﴾ وقال أبو حاتم: "مالِك" أَبْلَغُ في مدح الخالق، و "مَلِك" أبلغُ في مدحِ المخلوقِ، والفرقُ بينهما أن المالِكَ من المخلوقين قد يكون غيرَ مَلِك، وإذا كان الله تعالى مَلِكاً كان مالكاً. واختاره ابن العربي. ومنها: أنها أعمُّ إذ تضاف للمملوك وغيرِ المملوك، بخلافِ "مالك" فإنه لا يُضاف إلاَّ للمملوك كما تقدَّم، ولإشعارِه بالكثرةِ، ولأنه تمدَّح تعالَى بمالكِ المُلْك، بقوله تعالى: "قل اللَّهُمَّ مالكَ المُلْكِ" ومَلِك مأخوذ منه كما تقدم، ولم يتمدَّح بمالِك المِلك -بكسر الميم- الذي مالِكٌ مأخوذٌ منه.
وقُرئَ مَلْك بسكون اللام، ومنه:
٤٧- وأيامٍ لنا غُرٍّ طِوالٍ * عَصَيْنا المَلْكَ فيها أنْ نَدِينا
ومَليك. ومنه:
٤٨- فاقنَعْ بما قَسَم المَليكُ فإنَّما * قَسَم الخلائِقَ بَيْنَنَا عَلاَّمُها
ومَلِكي، وتُرْوَى عن نافع.
(١/٣٠)
---


الصفحة التالية
Icon