وهذا لا ينقاسُ بل يُقتصر فيه على السَّماع كقوله تعالى: ﴿لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ﴾ أي: على صراطك، اتفق الكل على أنه على تقدير "على". وقال بعضُهم: هو على تقدير الباء أي بكل مرصد، نقله أبو البقاء: وحينئذٍ تكون الباء بمعنى "في" فينبغي أن تُقَدَّرَ "في" لأن المعنى عليها، وجعله نظيرَ قولِ الشاعر:
٢٥٤١ - نُغالي اللحمَ للأضيافِ نَيْئاً * ونَرْخُصُهُ إذا نَضِجَ القدورُ
والمَرْصَدُ مَفْعَل مِنْ رصده يَرْصُدُه أي: رَقَبه يَرْقُبُه وهو يَصْلُح للزمان والمكان والمصدر، قال عامر بن الطفيل:
٢٤٥٢ - ولقد عَلِمْتَ وما إِخالك ناسِيا * أنَّ المنيَّةَ للفتى بالمَرْصَدِ
والمِرْصاد: المكانُ المختص بالترصُّد، والمَرْصَدُ يقع على الراصد سواءً كان مفرداً أم مثنى أم مجموعاً، وكذلك يقع على المرصود، وقولُه تعالى: ﴿فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً﴾ يَحْتمل كلَّ ذلك، وكأنه في الأصل مصدرٌ، فلذلك التُزِم فيه الإِفرادُ والتذكير.
* ﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذالِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ﴾: كقوله: ﴿إِن امْرُؤٌ هَلَكَ﴾ في كونِه من باب الاشتغال / عند الجمهور.
(٨/٤)
---


الصفحة التالية
Icon