وقرأ ورش "قُرُبَة" بضم الراء، والباقون بسكونها فقيل: لغتان. وقيل: الأصل السكون ولاضمة إتباع، وهذا قد تدقم لك فيه خلاف بين أهل التصريف: هل يجوز تثقيل فُعْل إلى فُعُل؟ وأن بعضَهم جعل عُسُراً يُسُراً بضم السين فَرْعين على سكونها. وقيل: الأصل قُرُبة بالضم، والسكون تخفيف، وهذا أَجْرى على لغة العرب إذ مبناها الهرب مِنَ الثّقَل إلى الخفة.
وفي استئناف هذه الجملة وتصدُّرَها بحرفَيْ التنبيه والتحقيق المُؤْذنين بثبات الأمر وتمكُّنه شهادةٌ من الله بصحة ما اعتقده من إنفاقه، قال معناه الزمخشري: قال: "وكذلك سيُدْخلهم، وما في السين من تحقيق الوعد".
* ﴿ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذالِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾
قوله تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ﴾: فيه وجهان، أظهرهما: أنه مبتدأ، وفي خبره ثلاثة أوجه، أحدُهما - وهو الظاهر - أنه الجملة الدعائية من قوله: "رضي الله عنهم". والثاني: أن الخبر قوله: "الأوَّلون" والمعنى: والسابقون أي بالهجرة [هم] الأوَّلون مِنْ أهل هذه المِلّضة، أو السابقون إلى الجنة الأولون من أهل الهجرة. الثالثك أن الخبرَ قولُه: ﴿الأَوَّلُونَ﴾ والمعنى فيه الإِعلام بأن السَّابقين من هذه / الأمة من المهاجرين والأنصار، ذكر ذلك أبو البقاء، وفي الوجهين الأخيرين تكلُّفٌ.
الثاني من وجهي "السابقين": أن يكون نَسَقاً على ﴿مَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ﴾ أي: ومنهم السابقون. وفيه بُعْدٌ.
(٨/٩٢)
---


الصفحة التالية
Icon