قوله تعالى: ﴿أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَآ﴾: الهمزة للإِنكار و "أن أوحينا" اسمُها. و "عجباً" خبرها. و "للناس" متعلق بمحذوف على أنه حالٌ مِنْ "عَجَباً" لأنه في الأصل صفة له، أو متعلِّقٌ بـ"عَجَباً"، ولا يَضُرُّ كونُه مصدراً لأنه يُتِّسع في الظرف وعديلهِ ما لا يُتَّسع في غيرهما. وقيل: لأن "عجباً" مصدرٌ واقعٌ موقعَ اسمِ الفاعل أو اسم المفعول، ومتى كان كذلك جاز تقديمُ معمولِه. وقيل: هو متعلق بـ"كان" الناقصة، وهذا على رأيِ مَن يُجيز فيها ذلك. وهذا مرتَّبٌ على الخلاف في دلالة "كان" الناقصة على الحدث، فإن قلنا: إنها تدلُّ على ذلك فيجوز وإلا فلا وقيل: هو متعلقٌ بمحذوفٍ على التبين، والتقدير في الآية: أكان إيحاؤنا إلى رجلٍ منهم عجباً لهم. و "منهم" صفة لـ"رجل".
وقرأ رؤبة "رَجْل" بسكون الجيم، وهي لغة تميم، يُسَكِّنون فَعُلاً نحو: سَبُع وعَضُد. وقرأ عبد الله بن مسعود "عَجَبٌ". وفيها تخريجان، أظهرهما: أنها التامة، أي: أَحَدَثَ للناس عجب، و "أنْ أَوْحَيْنا" متعلق بـ"عَجَب" على حَذْف لامِ العلة، أي: عَجَبٌ لأَنْ أوحينا، أو يكون على حَذْف "مِنْ"، أي: مِنْ أَنْ أوحينا. والثاني: أن تكون الناقصة، ويكون قد جعل اسمَها النكرةَ وخبرَها المعرفةَ، على حَدِّ قوله:
٢٥٥٩ -..................... * يكونُ مزاجَها عَسَلٌ وماءُ
وقال الزمخشري: "والأجودُ أن تكونَ التامةَ، و "أنْ أَوْحَيْنا" بدلٌ من "عجب". يعني به بدلَ اشتمال أو كل من كل؛ لأنه جُعِل هذا نفسَ العَجَب مبالغةً. والتخريج الثاني لابن عطية.
قوله: ﴿أَنْ أَنذِرِ﴾ يجوز أن تكونَ المصدرية، وأن تكونَ التفسيريةَ. ثم لك في المصدرية اعتباران، أحدهما: أن تجعلَها المخففةَ مِن الثقيلة، واسمها ضمير الأمر والشأن محذوف. كذا قال الشيخ، وفيه نظر من حيث إن أخبارَ هذه الأحرف لا تكون جملةً طلبية، حتى لو ورد ما يُوهم ذلك يُؤوَّل على إضمار القول كقوله: