(٨/١٢٤)
---
٢٥٦٠ - ولو أصابَتْ لقالَتْ وَهْي صادقةٌ * إنَّ الرياضةَ لا تُنْصِبْكَ للشِّيبِ
وقول الآخر:
٢٥٦١ - إنَّ الذين قتلتُمْ أمسِ سَيِّدَهُمْ * لا تحسَبوا ليلَهم عن ليلِكم ناما
وأيضاً فإن الخبرَ في هذا البابِ إذا وقع جملةً فعلية فلا بد من الفصلِ بأشياءَ ذكرتُها في المائدة، ولكن ذلك الفاصلَ هنا متعذَّرٌ. والثاني: أنها التي بصدد أن / تنصِبَ الفعلَ المضارعَ، وهي تُوصل بالفعل المتصرِّف مطلقاً نحو: "كتب إليه بِأَنْ قم". وقد تقدَّم لنا في ذلك بحث أيضاً ولم يُذْكر المُنْذَرُ به، وقد ذكر المُبَشَّرَ به كما سيأتي لأنَّ المقامَ يقتضي ذلك.
قوله: ﴿أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ﴾ "أنَّ" وما في حَيِّزها هي المبشَّرُ بها، أي: بَشِّرهم باستقرارِ قَدَمِ صِدْق، فَحُذفت الباء، فَجَرى في محلِّها المذهبان. والمرادُ بقدَمِ صِدْقٍ السابقةُ والفضلُ والمنزلةُ الرفيعة. وإليه ذهب الزجاج والزمخشري ومنه قولُ ذي الرمة:
٢٥٦٢ - لهمْ قَدَمٌ لا يُنْكِرُ الناسُ أنها
مع الحَسَبِ العاديِّ طَمَّتْ على البحر
لمَّا كان السعي والسَّبْقُ بالقدم سُمِّي السَّعْيُ المحمود قَدَماً، كما سُمِّيت اليدُ نِعْمة لمَّا كانت صادرةً عنها، وأُضيف إلى الصدق دلالةً على فضلِه، وهو من باب رجلُ صدقٍ ورجلُ سوءٍ. وقيل: هو سابقةُ الخير التي قَدَّموها، ومنه قول وضَّاح اليمني:
٢٥٦٣ - مالك وضَّاحُ دائمَ الغَزَلِ * أَلَسْتَ تخشى تقارُبَ الأَجَلِ
صَلِّ لذي العرشِ واتَّخِذْ قَدَماً * تُنْجيك يوم العِثارِ والزَّلَلِ
وقيل: هو التقدُّمُ في الشرف، ومنه قول العجاج:
٢٥٦٤ - ذَلَّ بنو العَوَّامِ مِنْ آل الحَكَمْ * وتركوا المُلْكَ لمَلْكٍ ذي قَدَمْ
أي: ذي تقدُّمٍ وشرفٍ. و "لهم" خبر مقدم، و "قَدَمَ" اسمُها، و "عند ربهم" صفةٌ لـ"قَدَم". ومن جَوَّز أن يتقدَّمَ معمولُ خبرِ "أنَّ" على اسمها إذا كان حرف جر كقوله:
(٨/١٢٥)
---


الصفحة التالية
Icon