(٨/١٣٣)
---
* ﴿ وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿وَلَوْ يُعَجِّلُ﴾: هذا الامتناعُ نفي في المعنى تقديره: لا يُعَجِّلُ لهم الشرَّ. قال الزمخشري: "فإن قلت: كيفَ اتَّصل به قولُه: "فَنَذَرُ الذين لا يَرْجُون لقاءَنا وما معناه؟ قلت: قولُه: "ولو يُعَجِّل" متضمَّنٌ معنى نفي التعجيل كأنه قيل: ولا نُعَجِّل لهم بالشرِّ ولا نَقْضي إليهم أجلَهم".
قوله: ﴿اسْتِعْجَالَهُمْ﴾ فيه أوجهٌ، أحدها: أنه منصوبٌ على المصدرِ التشبيهيِّ تقديرُه: استعجالاً مثلَ استعجالِهم، ثم حَذَفَ الموصوفَ وهو "استعجال" وأقامَ صفتَه مُقامه وهي "مثل" فبقي: ولو يعجل اللَّهُ مثل استعجالِهم، ثم حَذَفَ المضافَ وأقام المُضاف إليه مُقامه. قال مكي: "وهذا مذهبُ سيبويه" قلت: وقد تقدَّم غيرَ مرةٍ أن مذهبَ سيبويه في مثل هذا أنه منصوبٌ على الحالِ من ذلك المصدرِ المقدَّرِ، وإن كان مشهورُ أقوالِ المُعْرِبين غيرَه، ففي نسبةِ ما ذكرته أولاً لسيبويه نظرٌ.
الثاني: أن تقديرَه: تعجيلاً مثلَ استعجالهم، ثم فُعِل به ما تقدَّم قبلَه وهذا تقديرُ أبي البقاءن فقدَّر المحذوف مطابقاً للفعل الذي قبلَه، فإنَّ "تعجيلاً" مصدر لـ"عَجَّل" وما ذكره مكي موافقٌ للمصدر الذي بعده، والذي يظهر ما قدَّره أو البقاء لأن موافقةَ الفعلِ أولَى، ويكون قد شبَّه تعجيلَه تعالَى باستعجالهم، بخلاف ما قدَّره مكي فإنه لا يظهر، إذ ليس "استعجال" مصدراً لـ"عجَّل".
(٨/١٣٤)
---


الصفحة التالية
Icon