وقال الزمخشري: أصلُه: ولو يُعَجِّل الله للناسِ الشرَّ تعجيلَه لهم الخير، فوضع "استعجالهم بالخير" موضعَ "تعجيله لهم الخيرَ" إشعاراً بسرعة إجابته لهم وإسعافِه بطلبهم، كأنَّ استعجالَهم بالخير تعجيلٌ لهم". قال الشيخ: "ومدلولُ "عَجَّل" غيرُ مدلولِ "استعجل" لأنَّ "عَجَّل" يدلُّ على الوقوع، و "استعجل" يدلُّ على طلب التعجيل، وذلك واقعٌ من الله، وهذا مضافٌ إليهم، فلا يكون التقدير على ما قاله الزمخشري، فيحتمل وجهين، أحدهما: أن يكون التقدير: تعجيلاً مثل استعجالهم بالخير، فشبَّه التعجيلَ بالاستعجال؛ لأن طلبَهم [للخير] ووقوعَ تعجيله مقدَّمٌ عندهم على كل شيء. والثاني: أن يكون ثَمَّ محذوفٌ يدلُّ عليه المصدرُ تقديرُه: ولو يعجِّل اللَّهُ للناسِ الشرَّ إذا استعجلوا به استعجالَهم بالخير، لأنهم كانوا يستعجلون بالشرِّ ووقوعِه على سبيل التهكم كما كانوا يتسعجلون بالخير". الثالث: أنه منصوبٌ على إسقاط كافِ التشبيهِ، والتقدير: كاستعجالهم. قال أبو البقاء. "وهو بعيدٌ، إذ لو جاز ذلك لجاز "زيد غلامَ عمرو" أي: كغلام عمرو" وبهذا ضَعَّفه جماعةٌ وليس بتضعيفٍ صحيحٍ، إذ ليس في المثال الذي ذكر فعلٌ يتعدى بنفسه عند حذف الجار، وفي الآيةِ فعلٌ يَصِحُّ فيه ذلك وهوقوله "يُعَجِّل". وقال مكي: "وَيَلْزَمُ مَنْ يُجَوَّز حَذْفَ حرفِ الجر منه أن يجيز "زيدُ الأسدُ" أي: كالأسدِ" قلت: قوله "ويلزم إلى آخره" لا ردَّ فيه على هذا القاتل إذ يلتزمه، وهو التزام صحيح سائغ، إذ لا ينكر أحد "زيد الأسدُ" على معنى "كالأسد"، وعلى تقدير التسليمِ فالفرقُ ما ذكره أبو البقاء أي: إن الفعل يطلب مصدراً مشبَّهاً فصار مدلولاً عليه. وقال بعضهم: تقديره: في استعجالهم، نقله مكي، فلمَّا حُذِفت "في" انتصبَ، وهذا لا معنى له.
(٨/١٣٥)
---