قوله تعالى: ﴿لِجَنبِهِ﴾: في محلِّ نصبٍ على الحال، ولذلك عَطَفَ الحالَ الصريحة، والتقدير: دعانا مضطجعاً لجنبه، أو مُلْقِياً لجَنْبه. واللامُ على بابها عند البصريين، وزعم بعضهم أنها بمعنى "على"، ولا حاجةَ إليه. واختُلف في ذي الحال، فقيل: الإِنسان، والعامل فيها "مَسَّ" قاله ابن عطية. ونَقَله أبو البقاء عن غيره، واستضعفه من جهين، أحدهما: أن الحالَ على هذا واقعةٌ بعد جواب "إذا" وليس بالوجهِ. قلت: كأنه يعني أنه ينبغي ألاَّ يجابَ الشرطُ إلا إذا استوفى معمولاتِه، وهذه الحالُ معمولة للشرط وهو "مَسذَ"، وقد أُجيب قبل أن يَسْتوفي معموله. ثم قال: "والثاني: أن المعنى: كثرةُ دعائِه في كل أحواله لا على أن الضرَّ يصيبه في كل أحوالِه، وعليه جاءَتْ آياتٌ كثيرةٌ في القرآن.
قال الشيخ: "وهذا الثاني يلزم فيه - مِنْ مَسِّه الضرُّ في هذه الأحوالِ - دعاؤه في هذه الأحوال، لأنه جوابُ ما ذُكِرت فيه هذه الأأحوال [فالقيد في الشرط قيدٌ في الجواب كما تقول: "إذا جاءنا زيدٌ فقيراً فقد أَحْسَنَّا إليه" فالمعنى:] أَحْسَنَّا إليه في حال فقرِه".
وقيل: صاحبُ الحال هو الضمير الفاعل في "دعانا" وهو واضحٌ، أي: دعانا في جميع أحواله لأن هذه الأحوال الثلاثة لا يخلو الإِنسان عن واحدة منها. ثم قيل: المراد بالإِنسان الجنسُ، وهذه الأحوالُ بالنسبة إلى المجموع، أي: منهم مَنْ يدعو مُسْتلقياً، ومنهم مَنْ يدعو قائماً، أو يُراد به شخصٌ واحد جَمَع بين هذه الأحوال الثلاثة بحسبِ الأوقاتِ، فيدعو في وقتٍ على هذه الحال، وفي وقت على أخرى.
قوله: ﴿كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ﴾ قد تقدَّم الكلامُ على مثل هذا عند قوله: ﴿لَّمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ﴾. قال الزمخشري: "فَحَذفَ ضميرَ الشأن كقوله:
٢٥٧٤ -.................. * كأنْ ثَدْياه حُقَّانِ"
(٨/١٣٧)
---


الصفحة التالية
Icon