وقرأ الأخَوان هنا "عَمَّا يُشْركون"، وفي النحل موضعين، الأول: ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ يُنَزِّلُ الْمَلاائِكَةَ﴾، والثاني: ﴿بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾. وفي الروم: ﴿هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُمْ مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ بالخطاب. والباقون بالغَيْبة في الجميع. والخطاب والغيبة واضحتان.
وأتى هنا بـ"يُشْركون" مضارعاً دون الماضي تنبياهً على استمرار حالِهم كما جاؤوا يعبدون، وتنبيهاً أيضاً على أنَّهم على الشرك في المستقبل، كما كانوا عليه في الماضي.
* ﴿ وَإِذَآ أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَّكْرٌ فِيا آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿وَإِذَآ أَذَقْنَا﴾: شرطيةٌ جوابُها "إذا الفجائيةُ في قوله: ﴿إِذَا لَهُمْ مَّكْرٌ﴾، والعاملُ في "إذا" الفجائيةِ الاستقرارُ الذي في "لهم" وقد تقدَّم لك خلافٌ في "إذا" هذه: هل هي حرفٌ أو ظرفُ زمان على بابها أو ظرفُ مكان؟ وقال أبو البقاء: "وقيل: "إذا" الثانية زمانيةٌ أيضاً، والثانية وما بعدها جواب الأولى". وهذا الذي حكاه قولٌ ساقط لا يُفهم معناه.
(٨/١٤٣)
---