قوله: ﴿حَتَّى إِذَا﴾ "حتى" متعلقةٌ بـ"يُسَيِّركم". وقد تقدَّم الكلامُ على "حتى" هذه الداخلةِ على "إذا" وما قيل فيها. قال الزمخشري: "كيف جَعَلَ الكونَ في الفلك غايةَ التسييرِ في البحر، والتسيُير في البحر إنما هو بالكون في الفُلْك؟ قلت: لم يجعلِ الكونَ في الفلك غايةَ التسيير، ولكنَّ مضمونَ الجملةِ الشرطيةِ الواقعةِ بعد "حتى" بما في حيَّزها كأنه قال: يُسَيِّيركم حتى إذا وقعت هذه الحادثةُ فكان كيت وكيتَ مِنْ الريحِ العاصفةِ وتراكُمِ الأمواج والظن للهلاك والدعاء بالإِنجاء".
وقرأ أبو الدَّرْدَاء وأمُّ الدرداء "في الفُلْكيّ" بياء النسب. وتخريجُها يَحْتمل وجهين، أحدهما: أن يُراد به الماءُ الغَمْرُ الكثيرُ الذي لا يَجْزري الفُلْكُ إلا فيه، كأنه قيل: كنتم في اللُّلجِّ الفُلْكِيِّ، ويكونُ الضمير في "جَرَيْنَ" عائداً على الفلك لدلالةِ "الفلكي" عليه لفظاً ولزوماً. والثاني: أن يكونَ من باب النسبةِ إلى الصفة لقولهم: "أَحْمَريّ" كقوله:
٢٥٧٦ - أَطَرَباً وأنت قِنَّسْرِيُّ * والدهرُ بالإِنسان دوَّارِيُّ
وكنِسْبَتهم إلى العَلَم في قولهم: "الصَّلَتَانيّ" كقوله:
٢٥٧٧ - أَنَا الصَّلَتَانِيُّ الذي قد عَلِمْتُمُ *.....................
فزاد ياءَي النسبِ في اسمه.
قوله: ﴿وَجَرَيْنَ﴾ يدجوز أن يكونَ نسقاً على "كنتم"، وأن يكونَ حالاً على إضمار "قد". والضميرُ عائدٌ على "الفلك"، والمرادُ به هنا الجُمع، وقد تقدَّم أنه مكسرَّر، وأن تغييره تقديريٌّ، فضمَّتُه كضمةِ "بُدْن"، وأنه ليس باسم جمع، كما زعم الأخفش.
(٨/١٤٦)
---