"إياك" مفعولٌ مُقدَّمٌ على "نَعْبُدُ" للاختصاصِ، وهو واجبُ الانفصالِ. واختلفوا فيه: هل هو من قَبيل الأسماءِ الظاهرة أو المضمرةِ؟ فالجمهورُ على أنه مضمرٌ، وقال الزجاج: "هو اسم ظاهر"، وترجيحُ القولين مذكورٌ في كتب النحو.
والقائلونَ بأنه ضميرٌ اختلفوا فيه على أربعةِ أقوال، أحدُها: أنه كلَّه ضميرٌ. والثاني: أن: "إيَّا" وحدَه ضميرٌ وما بعده اسمٌ مضافٌ إليه يُبَيِّنُ ما يُراد به من تكلمٍ وغَيْبَةٍ وخطاب، وثالثُها: أن "إيَّا" وحدَه ضميرٌ وما بعدَه حروفُ تُبَيِّنُ ما يُراد به. ورابعها: أنَّ "إيَّا" عمادٌ وما بعده هو الضمير، وشَذَّت إضافتُه إلى الظاهرِ في قولهم: "إذا بلغ الرجلُ الستين فإياه وإيَّا الشَوابِّ" بإضافة "إيا" إلى الشَّوابِّ، وهذا يؤيِّد قولَ مَنْ جَعَل الكافَ والهاءَ والياءَ في محل جرٍّ إذا قلت: إياك إياه إياي.
وقد أَبْعَدَ بعضُ النحويين فَجَعَل له اشتقاقاً، ثم قال: هل هو مشتقٌ كم "أَوّ" كقول الشاعر:
٥٩- فَأَوِّ لذِكْراها إذا ما ذَكَرْتُها *................................
أو من "آية" كقوله:
٦٠- لم يُبْقِ هذا الدهرُ من آيائِهِ *......................................
وهل وزنه إفْعَل أو فَعيل أو فَعُول ثم صَيَّره التصريف إلى صيغة إيَّا؟ وهذا الذي ذكره هذا القائل لا يُجْدِي فائدةً، مع أنَّ التصريف والاشتقاق لا يَدْخلان في المتوغِّل في البناء.
وفيه لغاتٌ: أشهرُها كسرُ الهمزةِ وتشديدُ الياءِ، ومنها فتحُ الهمزةِ وإبدالُها هاءً مع تشديدِ الياء وتخفيفها. قال الشاعر:
٦١- فَهِيَّاك والأمرَ الذي إنْ توسَّعَتْ * مَواردُه ضاقَتْ عليك مصادِرُهْ
[وقال بعضهم: إياك بالتخفيف مرغوبٌ عنه]، لأنه يصير" شمسَك نعبد، فإنَّ إياةَ الشمس ضَوْءُها بكسر الهمزة، وقد تُفتح، وقيل: هي لها بمنزلة الهالة للقمر، فإذا حَذَفْتَ التاءَ مَدَدْتَ، قال:
(١/٣٤)
---


الصفحة التالية
Icon