سورة يوسف
* ﴿ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴾
قد تَقَدَّم الكلامُ على نحوِ قولِه "تلك آياتُ" في أول يونس.
* ﴿ إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿قُرْآناً﴾: يجوز فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أن يكونَ بدلاً من ضمير "أَنْزَلْناه"، أو حالاً مُوَطِّئةً منه، والضميرُ في "أَنْزَلْناه" على هذين القولين يعودُ على "الكتاب". وقيل: "قُرْآناً" مفعولاً به والضميرُ في "أَنْزلْناه" ضميرُ المصدر.
و "عربيَّاً" نعتٌ للقرآن. وجَوَّز أبو البقاء أن يكونَ حالاً مِنَ الضمير في "قُرْآناً" إذا تحمَّل ضميراً، يعني إذا جَعَلْناه حالاً مُؤَوَّلاً بمشتق، أي: أَنْزَلْناه مُجْتَمِعاً في حال كونِ عربيَّاً. والعربيُّ منسوب للعرب لأنه نَزلَ بغلتِهم. وواحدُ العَرَبِ عربيٌ، كما أن واحدَ الرومِ روميٌّ. وعَرَبةُ - بفتح الراء - ناحيةُ دارِ إسماعيلَ النبيِّ عيله السلام. قال الشاعر:
٢٣٧٧ - وعَرْبَةُ أرضٌ ما يُحِلُّ حرامَها * مِنَ الناسِ إلا اللَّوْذَعِيُّ الحُلاحِلُ
سكَّن راءَها ضرورةً، فيجوز أن يكونَ العربيُّ منسوباً إلى هذه البقعة.
* ﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ هَاذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ ﴾
قوله تعالى: ﴿أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾: في انتصاب "أحسنَ" وجهان، [أحدهما]: أن يكونَ / منصوباً على المفعول به، ولكنْ إذا جَعَلْتَ القصصَ مصدراً واقعاً موقعَ المفعولِ كالخَلْق بمعنى المَخْلوق، أو جعَلْتَه فَعَلاً بمعنى مفعول كالقَبَضِ والنَّقَص بمعنى المَنْقُوص والمقبوض، أي: نَقُصُّ عليك أَحْسَنَ الأشياءِ المقتصَّة. والثاني: أن يكونَ منصوباً على المصدرِ المُبَيِّنِ، إذا جَعَلْتَ القصصَ مصدراً غيرَ مرادٍ به المفعولُ، ويكون المقصوصُ على هذا محذوفاً، أي: نَقُصُّ عليك أحسنَ الاقتصاص. و "أَحْسَنَ" يجوز أن تكونَ أفْعَل تفضيلٍ على بابها، وأن تكونَ لمجرَّدِ الوصفِ بالحُسْن، وتكون من بابِ إضافة الصفةِ لموصوفِها، أي: القصص الحسن.
قوله: ﴿بِمَآ أَوْحَيْنَآ﴾ الباءُ سببيةٌ، وهي متعلقةٌ بـ"نَقُصُّ" و "ما" مصدريةٌ، أي: بسبب إيحائنا.
(٨/٣٨٢)
---


الصفحة التالية
Icon