وقرأ أبو حَيْوة ويحيى بن وثاب "عُمُد" بضمتين، ومفرُده يحتمل أن يكونَ عِماداً كشِهاب وشُهُب، وِتاب وكُتُب، وأن يكون عَمُوداً/ كرَسُول ورُسُل، وقد قرِئ في السبع: ﴿فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ﴾ بالوجهين. وقال ابن عطية في عَمَد: "اسم جمعِ عَمُود، والبابُ في جمعه "عُمُد" بضم الحروفش الثلاثة كرَسُوْل ورُسُل".
قال الشيخ: "وهذا وهمٌ، وصوابُه بضم الحرفين؛ لأن الثالث هو حرفُ الإعراب، فلا تُعْتبر ضمةً في كيفية الجمع".
والعِماد والعَمود: ما يُعَمَّد به، أي: يُسْنَدُ، يقال: عَمَدْتُ الحائطَ أَعْمِدُه عَمْداً، أي: أدْعَمْتُه فاعتمد الحائطُ على العِماد. والعَمَدُ: الأساطينُ. قال النابغة:
٢٨٤١- وخَيَّسَ الجنَّ إني قد أَذِنْتُ لهمْ * يَبْنُون تَدْمُرَ بالصُّفَّاح والعَمَدِ
والعَمْدُ: هو قَصْدُ الشيءِ والاستنادُ إليه، فهو ضِدُّ السهو، وعمودُ الصبح: ابتداءُ ضوئِه تشبيهاً بعمود الحديد في الهيئة، والعُمْدَةُ: ما يُعتمد عليه مِنْ مالٍ وغيرِهِ، والعَميد: السيِّدُ الذي يَعْمِدُه الناسُ، أي: يَقْصِدُونه.
قوله: ﴿تَرَوْنَهَا﴾ في الضميرِ المنصوبِ وجهان، أحدهما: أنه عائدٌ على "عَمَد" وهو أقربُ مذكورٍ، وحينئذٍ تكون الجملةُ في محل جرٍّ صفةً لـ "عَمَد"، ويجيءُ فيه الاحتمالان المتقدمان: من كونِ العَمَد موجودةً، لكنها لا تُرى، أو غيرَ موجودةٍ البتةَ. والثاني: أن الضميرَ عائدٌ على "السموات". ثم في هذه الجملة وجهان، أحدُهما: أنها مستأنفةٌ لا محلَّ لها، أي: استشهد برؤيتهم لها كذلك، ولم يَذْكر الزمخشريُّ غيرَه. والثاني: أنها في محلِّ نصبٍ على الحال مِن "السموات"، وتكونُ حالاً مقدرة؛ لأنها حين رَفْعِها لم نكن مَخْلُوْقِينَ، والتقدير: رَفَعَها مَرْئيةً لكم.
وقرأ اُبَيٌّ "تَرَوْنَه" مراعاةً للفظ "عَمَدَ" إذ هو اسمُ جمعٍ. وهذه القراؤةُ رجَّح بها الزمخشريُّ كونَ الجملةِ صفةً لـ "عَمَد".
(٩/٨٩)
---


الصفحة التالية
Icon