وزعم بعضُهم أنَّ "تَرَوْنَها" خبرٌ لفظاً، ومعناه الأمر، أي: رَوْها وانظروا إليها لتعتبروا بها. وهو بعيدٌ، ويتعيَّنُ على هذا أن تكونَ مستأنفةً؛ لأنَّ الطلبَ لا يقع صفةً ولا حالاً.
و "ثم" في "ثم استوى" لمجردِ العطفِ لا للترتيبِ؛ لأنًّ الاستواءَ على العرش غيرُ مرتَّبٍ على رَفْع السموات.
قوله: ﴿يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ﴾ قرأ العامَّةُ هذين الحرفين بالياء مِنْ تحتُ جَرْياً على ضميرِ اسمِ الله تعالى، وفيهما وجهان، أحدُهما -وهو الظاهر-: أنهما مستأنفان للإخبارِ بذلك. والثاني: أن الأولَ حالٌ مِنْ فاعلِ "سَخَّر"، والثاني حالٌ مِنْ فاعل "يُدَبِّر".
وقرأ النخعي وأبان بن تغلب: "نُدَبِّرُ الأمرَ، نُفَصِّل" بالنون فيهما، والحسنُ والأعمشُ "نُفَصِّل" بالنون، "يُدَبِّر" بالياء. قال المهدوي: "لم يُخْتَلَفْ في "يُدَبِّر"، يعني أنه بالياء، وليس كما ذَكَر لِما قدَّمْتُه عن النخعيِّ وأبان بن تغلب.
* ﴿ وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي الْلَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذالِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾
والرَّواسِي: الثوابت وهي الجبال، وفَواعِل الوصفُ لا يَطَّرِدُ إلاَّ في الإناثِ، إلاَّ أن المكسَّر ممَّا لا يَعْقِلُ يجري مَجْرى جمعِ الإناث، وأيضاً فقد كَثُرَ استعمالُه كالجوامِد فجُمِعَ كحائط وحوائط وكاهِل وكواهل. وقيل: هو جمعُ راسِيَة، والهاء للمبالغة، والرُّسُوُّ: الثبوت قال:
٢٨٤٢- بهِ خالداتٌ ما يَرِمْنَ وهامِدٌ * وَأشْعَثُ أَرْسَتْهُ الوَليدةُ بالفِهْرِ
(٩/٩٠)
---


الصفحة التالية
Icon