قوله: ﴿وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ﴾ يجوز فيه ثلاثةُ أوجه، أحدها: أَنْ يتعلَّقَ بـ "جَعَل" بعده، أي: وجعل فيها زوجين اثنين مِنْ "اثنين"؛ لأنه في الأصلِ صفةٌ له. والثالث: أن يَتِمَّ الكلامُ على قوله ﴿وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ﴾ فيتعلَّقَ بـ "جَعَلَ" الأولى على أنه من عطفِ المفردات، يعني عَطَفَ على معمول "جعل" الأولى، تقديرُه: أنه جَعَل في الأرض كذا وكذا ومن كل الثمرات. قال أبو البقاء: "ويكون جَعَلَ الثاني مستأنفاً".
و ﴿يُغْشِي الْلَّيْلَ﴾ تقدَّم الكلامُ فيه وهو: إمَّا مستأنفٌ وإمَّا حالٌ مِنْ فاعلِ الافعالِ قبله.
* ﴿ وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَآءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذالِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ﴾: العامَّة على رفع "قِطَعٌ" و "جنات": إمَّا على الابتداء، وإمَّا على الفاعلية بالجارِّ قبله. وقرئ ﴿قِطَعاً مُّتَجَاوِرَاتٌ﴾ بالنصب، وكذلك في بعض المصاحف، على إضمار "جَعَلَ".
وقرأ الحسن "وجناتٍ" بكسر التاء وفيها أوجهٌ، أحدُها: أنه جرٌ عطفاً على ﴿كُلِّ الثَّمَرَاتِ﴾. الثاني: أنه نصبٌ نَسَقاً على ﴿زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ﴾ قاله الزمخشري. الثالث: نَصْبُه نسقاً على "رواسي". الرابع: نَصْبُه بإضمار "جَعَلَ" وهو أَوْلى لكثرةِ الفواصلِ في الأوجهِ قبله. قال أبو البقاء: "ولم يَقْرَأ أحدٌ منهم "وزرعاً" بالنصب".
قوله: ﴿وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ﴾ قرأ ابن كثير وأبو عمرو وحفص بالرفع في الأربعة، والباقون بالخفض. فالرفعُ في ﴿زَرْعٌ وَنَخِيلٌ﴾ للنسقِ على "قِطَعٌ" وفي "صِنْوان" لكونِهِ تابعاً لـ "نخيل"، و "غيرُ" لعطفِهِ عليه.
(٩/٩١)
---


الصفحة التالية
Icon