وعاب الشيخُ على ابن عطية قولَه "عطفاً على "قطع" قال: "وليسَتْ عبارةً مجررةً؛ لأنَّ فيها ما ليس بعطف وهو صِنْوان" قلت: ومثل هذا غيرُ مَعيبٍ لأنه عطفٌ محققٌ، غايةُ ما فيه أنَّ بعضَ ذلك تابعٌ، فلا يُقْدَحُ في هذه العبارة.
والخفضُ مراعاةُ لـ "أعناب". وقال ابن عطية: "عطفاً على أعناب"، وعابَها الشيخ بما تقدَّم، وجوابُه ما تقدَّم.
وقد طعنَ قومٌ على هذه القراءة وقالوا: ليس الزرعُ من الجنات، رُوِيَ ذلك عن أبي عمروٍ. وقد أجيب عن ذلك: بأنَّ الجنةَ احتَوَتْ على النخيلِ والأعنابِ والزرعِ كقوله: ﴿جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً﴾ وقال أبو البقاء: "وقيل: المعنى: ونبات/ زرعٍ فَعَطَفه على المعنى". قلت: ولا أدري ما هذا الجوابُ؟ لأنَّ الذين يمنع أن تكون الجنةُ من الزرعِ يمنع أن تكونَ من نباتش الزرع، وأيُّ فرق؟
والصَّنْوانُ: جَمْع صِنْوٍ كقِنْوان جمع قِنْو، وقد تقدم تحقيق هذه البنية في الأنعام. والصِّنْوُ: الفَرْعُ، يَجْمعه وفرعاً آخر أصلٌ واحدٌ، وأصله المِثْلُ، وفي الحديث: "عَمُّ الرجل صِنْوُ أبيه"، أي: مثلُه، أو لأنهما يجمعهما أصلٌ واحد.
والعامَّة على كسرِ الصاد. وقرأ السلمي وابن مصرِّف وزيدُ بن علي بضمِّها، وهي لغةُ قيسٍ وتميم، كذِئْب وذُؤْبان. وقرأ الحسنُ وقتادةُ بفتحها، وهو اسمُ جمعٍ لا جمعُ تكسيرٍ؛ لأنه ليس مِنْ أبنيتِه فَعْلان، ونظيرُ "صَنْوان" بالفتح "السَّعْدان". وهذا جمعُه في الكثرةِ، وأمَّا في القِلَّة فيُجْمَع على أَصْنَاءٍ كحِمْل وأَحْمال.
قوله: "يُسْقَى" قرأه بالياء مِنْ تحتُ ابنُ عامر وعاصمٌ، أي: يُسقى ما ذُكِرَ، والباقون بالتاء مِنْ فوقُ مراعاةً للفظِ ما تقدم، وللتأنيث في قولِه "بعضَها".
(٩/٩٢)
---