قوله: "ونُفَضِّل" قرأه بالياء مِنْ تحتُ مبنياً للفاعل الأخَوان، والباقون بنونِ العظمة. ويحيى بن يعمر وأبو حيوة "يُفَضَّل" بالياء مبنياً للمفعول، "بعضُها" رفعاً. قال أبو حاتم: "وَجَدْتُه كذلك في مصحف يحيى بن يعمر" وهو أولُ مَنْ نَقَّط المصاحفَ. وتقدَّم في "الأُكُل" في البقرة.
و ﴿فِي الأُكُلِ﴾ فيه وجهان، أظهرُهما: أنه ظرفٌ للتفضيل. والثاني: أنه حال من "بعضها"، أي: نُفضِّل بعضَها مأكولاً، أي: وفيه الأكلُ، قاله أبو البقاء، وفيه بُعْدٌ مِنْ جهة المعنى والصناعة.
* ﴿ وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَائِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ الأَغْلاَلُ فِيا أَعْنَاقِهِمْ وَأُوْلَائِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ﴾: يجوز فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنه خبرٌ مقدمٌ، و "قولُهم" مبتدأ مؤخرٌ، ولا بد مِنْ حَذْفِ صفةٍ لتتِمَّ الفائدةُ، أي: فَعَجَبٌ أيُّ عَجَبٍ، أو غريب ونحوه. والثاني: أنه مبتدأٌ، وسَوَّغَ الابتداءُ ما ذكرتْهُ مِن الوصفِ المقدِّرِ، ولا يَضُرُّ حينئذٍ كونُ خبِرهِ، معرفةً، وهذا كما اَعْرب سيبويهِ "كم" مِنْ "كم مالُك" و "خيرٌ" مِنْ "اقصِدْ رجلاً خيرٌ منه أبوه" مبتدأين لمسوِّغِ الابتداء بهما، وخبرُهما معرفةً. قاله الشيخ وللنزاعِ فيه مجالٌ.
على أنَّ هناك عِلَّةً لا تَتَأتَّى ههنا: وهي أن الذي حَمَلَ سيبويهِ على ذلك في المسألتين أنَّ أكثرَ ما يقع موقعَ "كم" و "خير" ما هو مبتدأ، فلذلك حَكَمَ عليهما بحكمِ الغالبِ بخلافِ ما نحن فيه.
(٩/٩٣)
---


الصفحة التالية
Icon