٢٨٤٤- أنَّى سَرَبْتِ وكنتِ غيرَ سَرُوْبٍ * وتُقَرِّبُ الأحلامُ غيرَ قريبِ
وقال آخر:
٢٨٤٥- وكلُّ أُناسٍ قاربوا فَحْلِهِمْ * ونحنُ خَلَعْنَا قَيْدَهُ فهو سارِبُ
أي: متصرِّفٌ كيف تَوَجَّه، لا يدفعه أحدٌ عن مضرْعى، يَصِفُ قومه بالمَنَعَة والقوة.
* ﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُواءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ ﴾
قوله تعالى: ﴿لَهُ﴾ الضميرُ فيه أربعةُ أوجهٍ، أحدها: أنه عائدٌ على "مَنْ" المكررة، أي: لِمَنْ أسرَّ القولَ ولِمَنْ جَهَرَ به ولِمَنْ استخفى وسَرَب مُعَقِّبات، أي: جماعة من الملائكة يَعْقُبُ بعضُهم بعضاً. الثاني: أنه يعود على "مَنْ" الأخيرةِ، وهو قولُ ابن عباس. قال ابنُ عطية: "والمُعَقِّبات على هذا: حَرَسُ الرَّجُلِ وجَلاوِزَتُه الذين يحفطونَه. قالوا: والآيةُ على هذا في الرؤساء الكفارِ، واختاره الطبري في آخرين"، إلا أنَّ الماورديَّ ذكر على التأويلِ أنَّ الكلامَ نفيٌ، والتقدير: لا يحفطونه. وهذا ينبغي أن [لا] يُسْمَعَ البتة، كيف يَبْرُزُ كلامٌ موجَبٌ ويُراد به نفي؟ وحَذْفُ "لا" إنما يجوز إذا كان المنفيُّ مضارعاً في جوابِ قسمٍ نحو: ﴿تَالله تَفْتَؤُاْ﴾ وقد تقدَّم تحريرُه، وإنما معنى الكلام -كما قال المهدوي -يحفظونه مِنْ أمرِ اللهِ في ظنِّه وزعمه.
الثالث: أنَّ الضميرَ في "له" يعود على الله تعالى ذِكْرُه، وفي "يَحْفظونه" للعبد، أي: لله ملائكةٌ يحفظون العبدَ من الآفات، ويحفطون عليه أعمالَه، قاله الحسن.
الرابع: عَوْدُ الضميرين على النبي عليه السلام، وإن لم يَجْرِ له ذِكْرٌ قريبٌ، ولتقدُّم ما يُشعر به في قوله: {لَوْلاا أُنزِلَ عَلَيْهِ
(٩/١٠٢)
---