ويجوز أن تتعلَّق بمحذوفٍ على انه صفةٌ لمُعَقِّبات أيضاً، فيجيء الوصفُ بثلاثةِ أشياءَ في بعض الأوجه المتقدمة: بكونها تحفظُه، وبكونها مِنْ أَمْرِ الله، ولكن يتقدَّمُ الوصفُ بالجملةِ على الوصف بالجارِّ، وهو جائزٌ فصيح. وليس في الكلام تقديمٌ وتأخيرٌ كما زعم الفراءُ وغيره، وأن الأصلَ: له مُعَقِّبات مِنْ أَمْرِ الله يحفظونه مِنْ بينِ يديده، لأنَّ الأصلَ عدمُه مع الاستغناءِ عنه.
قوله: ﴿وَإِذَا أَرَادَ﴾ العاملُ في "إذا" محذوفٌ لدلالةِ جوابِها عليه تقديرُه: لم يُرَدَّ، أو وقع، ونحوُهما، ولا يَعْمل فيها جوابُها؛ لأنَّ ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها.
* ﴿ هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِىءُ السَّحَابَ الثِّقَالَ ﴾
قوله تعالى: ﴿خَوْفاً وَطَمَعاً﴾: يجوز أن يكونا مصدرين ناصبهما محذوفٌ، أي: خافون خَوْفاً ويطمعون طَمَعاً. ويجوز أن يكونا مصدرين في موضعِ نصبٍ على الحال، وفي صاحبِ الحال حينئذٍ وجهان، أحدهما: أنه مفعولُ "يُرِيْكم" الأول، أي: خائفين طامعين، أي: تخافون صواعقَه، وتطمعون في مطره، كما قال المتنبي:
٢٨٤٦- فتىً كالسَّحابِ الجُونِ يُخْشَى ويُرْتَجى * يُرَجَّى الحَيا منها وتُخْشى الصَّواعِقُ
والثاني: أنه البرقُ، أي: يريكموه حالَ كونَه ذا خوفٍ وطمع، أو هو في نفسه خوفٌ وطمعٌ على المبالغة، والمعنى كما تقدَّم. ويجوز أن يكونَ مفعولاً من أجله، ذكره أبو البقاء، ومنعه الزمخشري بعدمِ اتحاد الفاعلِ، يعني أنَّ فاعلَ الإرادةِ وهو الله تعالى غيرُ فاعلِ الخوف والطمع وهو ضميرُ المخاطبين، فاختلف فاعلُ الفعل المُعَلَّل وفاعلُ العلَّة. وهذا يمكن أن يجابَ عنه: بأنَّ المفعولَ في قوة الفاعل، فإنَّ معنى "يُريكم" يجعلكم رائين، فتخافون وتطمعون، ومثلُه في المعنى قول/ النابغة الذبياني:
٢٨٤٧- وحَلَّتْ بيوتي في يَفاعٍِ مُمَنِّعٍ * تَخال به راعي الحَمولةِ طائرا
(٩/١٠٦)
---