* ﴿ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾
قوله تعالى: ﴿اللَّهِ الَّذِي﴾: قرأ نافعٌ وابن عامرٍ برفعِ الجلالةِ والباقون -ورواها الأصمعيُّ عن [نافع]- بالجرِّ.
فأمَّا الرفعُ فعلى وجهين، أحدُهما: أنه مبتدأٌ، خبرُه الموصولُ بعده، أو محذوفٌ تقديرُه: اللهُ الذي له ما في السمواتِ وما في الأرضِ العزيزُ الحميد، حُذِف لدلالة ما تقدَّم. والثاني: أنه خبرُ مبتدأ مضمر، أي: هو اللهُ، وذلك على المدح.
وأمَِّا الجرُّ فعلى البدلِ عند أبي البقاء والحوفي وابنِ عطية، والبيان عند الزمخشري قال: "لأنه جَرَى مَجْرَى الأسماءِ الأعلامِ لغلبتِه على المعبودِ بحق كالنجم للثريا". قال الشيخ: "وهذا التعليلُ لا يتمُّ إلا أن يكونَ أصلُه الإله، ثم فُعِل فيه ما تقدَّم أولَ هذا الموضوع". وقال الأستاذ ابن عصفور: "ولا تُقََدِّمُ صفةٌ على مَوصوفٍ إلا حيث سُمِع، وهو قليلٌ، وللعربِ فيه وجهان، أحدُهما: أنْ تتقدَّمَ الصفةُ بحالها، وفيه إعرابان للنحويين، أحدُهما: أن تُعْرَبَ صفةً متقدمةً. والثاني: أن يُجعل/ الموصوفُ بدلاً من صفتِه. الثاني من الأولين: أن تُضيفَ الصفةَ إلى الموصوف. فعلى هذا يجوز أن يُعْرَبَ ﴿الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ صفةً متقدمةً، ومِنْ مجيء تقديمِ الصفةِ قولُه:
٢٨٦٥- والمُؤْمِنِ العائذاتِ الطيرِ يَمْسَحُها * رُكْبانُ مكةَ بين الغِيل والسَّنَدِ
وقول الآخر:
٢٨٦٦- وبالطويل العُمْرِ عُمْراً حَيْدَراً
يريد: الطير العائذات، وبالعمر الطويل. قلت: وهذا فيما لم يكنِ الموصوفُ كرةً، أمَّا إذا كان نكرةً صار لنا عملٌ آخرُ: وهو أن تنتصبَ تلك الصفةُ على الحال.
(٩/١٣٤)
---


الصفحة التالية
Icon