قوله تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ﴾: كقوله: ﴿لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ﴾ و "حين" منصوبٌ بنفس "جَمال"، أو بمحذوفٍ على أنه صفةٌ له، أو معمولٌ لِما عَمِل في "فيها" أو في "لكم".
وقرأ عكرمةُ والضحاكُ "حينا" بالتنوين على أنَّ الجملةَ بعدَه صفةٌ له، والعائدُ محذوفٌ، أي: حيناً تُرِيْحون فيه، وحيناً تَسْرحُون فيه، كقولِه تعالى: ﴿وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ
. وقُدِّمَتْ الإراحةُ على السَّرْحِ؛ لأنَّ الأنعامَ فيها أجملُ لِمَلْءِ بطونِها وتَحَفُّلِ ضُروعِها.
والجَمالُ: مصدرُ جَمُلَ بضمِّ الميم يَجْمُل فهو جميل، وهي جميلة. وحكى الكسائيُّ جَمْلاء كَحَمْراء، وأنشد:
٢٩٥٧- فهِيَ جَمْلاءُ كَبَدْرٍ طالعٍ * بَذَّتِ الخَلْقَ جميعاً بالجَمالْ
ويقال: أراحَ الماشيةَ وهَرَاحَها بالهاءِ بدلاً من الهمزة. وسَرَحَ الإبلَ يَسْرَحُها سَرْحاً، أي: أرسلَها، وأصلُه أن يُرْسِلَها لترعى السَّرْحَ، والسَّرْحُ شجرٌ له ثمرٌ، الواحدة سَرْحَة. قال:
٢٩٥٨- أبى اللهُ إلا أنَّ سَرْحَةَ مالكٍ * على كلِّ افنانِ العِضاهِ تَرُوْقُ
وقال:
٢٩٥٩- بَطَلٌ كأن ثيابَه في سَرْحةٍ * يُحْذَى نِعالَ السَّبْتِ ليس بتوْءَم
ثم أُطْلِق على كل إرسالٍ، واستُعير أيضاً للطَّلاق فقالوا: سَرَّحَ فلانٌ امرأتَه، كما تسعير الطلاقُ أيضاً للطَّلاق فقالوا: سَرَّحَ فلانٌ امرأتَه، كما استعير الطرقُ أيضاً من إطلاق الإبل من عُلُقِها. واعتُبِر من السَّرْحِ المُضِيُّ فقيل: ناقَةَ سُرُحٌ، أي: سريعة قال:
٢٩٦٠-... سُرُحُ اليَدَيْن........... *..............................
وحَذَفَ مفعولي "تُرِيْحون" و "تَسْرَحُون" مراعاةً للفواصل مع العلم بهما.
* ﴿ وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾
(٩/٢٢٨)
---


الصفحة التالية
Icon