قوله تعالى: ﴿لَّمْ تَكُونُواْ﴾: صفةٌ لـ "بلد" و "إلا بشِقٍّ" حالٌ من الضمير المرفوع في "بالِغِيْه"، أي: لم تَبْلُغوه إلا ملتبسِيْنَ بالمَشَقَّة.
والعامَّةُ على كسر الشين. وقرأ أبو جعفر، ورُوِيَتْ عن نافع وأبي عمرو بفتحها. فقيل: هما مصدران بمعنىً واحدٍ، أي: المَشَقَّة، فمِنَ الكسر قولُه:
٢٩٦١- رأى إبِلاً تَسْعى، ويَحْسِبُها له * أخي نَصَبٍ مِنْ شِقِّها ودُؤْوْبِ
أي: مِنْ مَشَقَّتها./ وقيل: المفتوحُ المصدرُ، والمكسورُ الاسمُ. وقيل: بالكسرِ نصفُ الشيء. وفي التفسير: إلا بنصفِ أنفسكم، كما تقول: "لم تَنَلْه إلا بقطعةٍ من كَبِدك" على المجاز.
* ﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿وَالْخَيْلَ﴾: العامَّةُ على نصبِها نَسَقاً على "الأنعامَ". وقرأ ابن أبي عبلة برفعِها على الابتداء والخبرُ محذوفٌ، أي: مخلوقَةٌ أو مُعَدَّةٌ لتركبوها، وليس هذا ممَّا نابَ فيه الجارُّ منابَ الخبرِ لكونِه كوناً خاصاً.
قوله: "وزينةً" في نصبها أوجهٌ، أحدُها: أنها مفعولٌ من أجلِه، وإنما وَصَل الفعلُ إلى الأول باللام في قوله: "لتركبوها" وإلى هذا بنفسِه لاختلالِ شرطٍ في الأول، وهو عَدَمُ اتحادِ الفاعلِ، فإن الخالقَ اللهُ، والراكبَ المخاطبون بخلافِ الثاني.
الثاني: أنها منصوبةٌ على الحال، وصاحبُ الحال: إمَّا مفعول "خَلَقَها"، وإمَّا مفعولُ "لتركبوها"، فهو مصدرٌ أقيم مُقامَ الحال.
الثالث: أَنْ ينتصِبَ بإضمارِ فِعْلٍ، فقدَّره الزمخشري "وخَلَقها زينة". وقدَّره ابن عطية وغيرُه "وجَعَلها زينةً".
الرابع: أنه مصدرٌ لفعلٍ محذوف، أي: وَيَتَزَيَّنُوْن بها زينةً.
وقرأ قتادةُ عن ابن عباس "لتَرْكَبوها زينةً" بغير واوٍ، وفيها الأوجهُ المتقدمةُ، ويزيد أن تكونَ حالاً من فاعل "لتركبوها"، أي: تركبونها مُتَزَيِّنين بها.
(٩/٢٢٩)
---


الصفحة التالية
Icon