* ﴿ وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَآئِرٌ وَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾
قوله تعالى: ﴿وَمِنْهَا جَآئِرٌ﴾: الضميرُ يعود على السبيل لأنها تُؤَنَّثُ: ﴿هَاذِهِ سَبِيلِيا﴾ أو لأنها في معنى سُبُل، فَأَنَّثَ على معنى الجمع.
والقَصْدُ مصدرٌ يُوصَفُ به فهو بمعنى قاصِد، يُقال: سبيلٌ قَصْدٌ وقاصِدٌ، أي: مستقيم كأنه يَقْصِد الوجهَ الذي يَؤُمُّه السَّالكُ لا يَعْدِل عنه. وقيل: الضمير يعود على الخلائق ويؤيِّده قراءةُ عيسى وما في مصحف عبد الله: "ومنكم جائِزٌ"، وقراءةُ عليٍّ: "فمنكم جائر" بالفاء.
وقيل: أل في السبيل للعَهْدِ، فعلى هذا يعود الضميرُ على "السبيل" التي يتضمَّنها معنى الآية كأنه قيل: ومِن السبيل، فأعاد عليها وإنْ لم يَجْرِ لها ذِكْرٌ؛ لأنَّ مقابلَها يَدُلُّ عليها. وأمَّا إذا كانت أل للجنس فتعودُ على لفظها.
والجَوْرُ: العُدولُ عن الاستقامةِ. قال النابغة:
٢٩٦٢-....................... * يَجُور بها الملاَّحُ طَوْراً ويَهْتدي
وقال آخر:
٢٩٦٣- ومن الطريقةِ جائرٌ وهُدىً * قَصْدُ السبيلِ ومنه ذُو دَخْلِ
وقال أبو البقاء: "وقَصْدُ مصدرٌ بمعنى إقامةِ السبيل وتَعِديلِ السبيلِ، وليس مصدرَ قصَدْتُه بمعنى أتَيْتُه".
* ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَآءً لَّكُم مَّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿مَآءً لَّكُم مَّنْهُ شَرَابٌ﴾: يجوزُ في "لكم" أن يتعلَّقَ بـ "أنْزَلَ"، ويجوزُ أن يكونَ صفةً لـ "ماءً"، فيتعلَّقَ بمحذوفٍ، فعلى الأولِ يكون "شرابٌ" مبتدأً و "منه" خبرُه مقدَّمٌ عليه، والجملةُ أيضاً صفةٌ لـ "ماءً" وعلى الثاني يكون "شرابٌ" فاعلاً بالظرف، و "منه" حالٌ من "شراب". و "مِنْ" الأولى للتبعيض، وكذا الثانيةُ عند بعضهِهم، لكنه مجاز لأنه لمَّا كان سَقْيُه بالماء جُعِل كأنه من الماء كقوله:
٢٩٤٦- أسنِمَة الآبالِ في رَبابَهْ
(٩/٢٣٠)
---