* ﴿ وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿أَن تَمِيدَ﴾: ، أي: كراهةَ أَنْ تَمِيْدَ، أو: لئلاَّ تَمِيْدَ.
قوله: "وأنهاراً" عطفٌ على "رَواسي" لأنَّ الإلقاءَ بمعنى الخَلْقَ. وادِّعاءُ ابنِ عطية أنه منصوبٌ بفعلٍ مضمرٍ، أي: وجَعَل فيها أنهاراً، ليس كما ذكره. وقدَّره أبو البقاء: "وشَقَّ فيها أنهاراً" وهو مناسِبٌ، و "سُبُلاً"، أي: وذَلَّل، أو: وجعل فيها طُرُقاً.
* ﴿ وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ﴾
و ﴿وَعَلامَاتٍ﴾، أي: ووَضَعَ فيها علاماتٍ.
قوله تعالى: ﴿وَبِالنَّجْمِ﴾ متعلِّق بـ "يهتدون". والعامَّةُ على فتحِ النونِ وسكونِ الجيمِ بالتوحيدِ فقيل: المرادُ به كوكبٌ بعينه كالجَدْيِ أو الثُّرَيَّا. وقيل: بل هو اسمُ جنسٍ. وقرأ ابن وثاب بضمِّهما، والحسنُ بضمِّ النون فقط، وعَكَسَ بعضُهم النَّقْلَ عنهما.
فأمَّا قراءةُ الضمتين ففيها تخريجان، أظهرُهما: أنها جمعٌ صريحٌ لأنَّ فَعْلاً يُجْمع على فُعُل نحو: سَقْف وسُقُف، ورَهْن ورُهُن./ والثاني: أنَّ أصلَه النجومُ، وفَعْل يُجمع على فُعُول نحو: فَلْس وفُلُوس، ثم خُفِّف بحَذْفِ الواوِ كما قالوا: أَسَد وأُسُود وأُسُد. قال أبو البقاء: "وقالوا في خِيام: خِيَم، يعني أنه نظيرُه، من حيث حَذَفوا منه حرفَ المدِّ. وقال ابنُ عصفور: إن قولهم "النُّجُم مِنْ ضرورة الشعر" وأنشد:
٢٩٦٧- إنَّ الي قَضَى بذا قاضٍ حَكَمْ * أن تَرِدَ الماءَ إذا غابَ النُّجُمْ
يريد: النحوم، كقوله:
٢٩٦٨- حتى إذا ابْتَلَّتْ حَلاقِيْمُ الحُلُقْ
يريد الحُلُوق.
وأمَّا قراءةُ الضمِّ والسكونِ ففيها وجهان، أحدهما: أنها تخفيفٌ من الضم. والثاني: أنها لغةٌ مستقلة.
(٩/٢٣٤)
---


الصفحة التالية
Icon