قال الزمخشريُّ: "فإن قلتَ: هو إلزامٌ للذين عَبَدوا الأوثانَ ونحوَها، تشبيهاً بالله تعالى، وقد جعلوا غيرَ الخالقِ مثلَ الخالق، فكان حَقُّ الإلزامِ أن يُقال لهم: أَفَمَنْ لا يَخْلُق كَمَنْ يَخْلق؟ قلت: حين جعلوا غيرَ الله مِثْلَ اللهِ لتسميتِهم باسمِه، والعبادةِ له، جعلوا من جنس المخلوقات وشبيهاً بها، فأنكر عليهم ذلك بقولِه ﴿أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ﴾.
* ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ﴾: قرأ العامَّةُ "تُسِرُّون" و "تُعْلِنون" بتاء الخطاب. وأبو جعفر بالياء مِنْ تحتُ.
* ﴿ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ ﴾
وقرأ عاصم وحده "يَدْعُون" بالياء، والباقون بالتاء مِنْ فوقُ. وقُرِئ "يُدْعَوْن" مبنياً للمفعول. وهنَّ واضحاتٌ.
* ﴿ أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَآءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿أَمْواتٌ﴾: يجوز أن يكونَ خبراً ثانياً، أي: وهم يُخْلَقُون وهم أمواتٌ. ويجوز أن يكونَ "يُخْلَقون" و "أمواتٌ" كلاهما خبراً من بابِ "هذا حُلْوٌ حامِض" ذكره أبو البقاء، ويجوزُ أن يكونَ خبرَ مبتدأ مضمرٍ، أي: هم أمواتٌ.
قوله: ﴿غَيْرُ أَحْيَآءٍ﴾ يجوزُ فيه ما تقدم، ويكون تأكيداً. وقال أبو البقاء: "ويجوزُ أَنْ يكونَ قصد بها أنهم في الحال غيرُ أحياءٍ ليَرْفَعَ به توهُّمَ أنَّ قولَه "أمواتٌ" فيما بعد إذ قال تعالى: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيِّتُونَ﴾ قلت: وهذا لا يُخْرِجُه عن التأكيدِ الذي ذكره قبلَ ذلك.
(٩/٢٣٦)
---


الصفحة التالية
Icon