والقائمُ مَقامَ فاعلِ "قيل" الجملةُ مِنْ قولِه ﴿مَّاذَآ أَنْزَلَ﴾ لأنها المَقُولَةُ، والبصريون يَأْبَوْنَ ذلك، ويجعلون القائمَ مقامَه ضميرَ المصدرِ؛ لأنَّ الجملةَ لا تكونُ فاعلةً ولا قائمةً مقامَ الفاعلِ، والفاعلُ المحذوفُ: إمَّا المؤمنون، وإمَّا بعضُهم، وإمَّا المقتسِمون.
وقرئ: "أساطيرَ" بالنصب، على تقدير: أَنْزَلَ أساطيرَ على سبيل التهكُّم، أو المذكورُ أساطيرُ. وللزمخشريِّ هنا عبارةٌ فظيعةٌ يقف منها الشَّعْرُ.
* ﴿ لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿لِيَحْمِلُواْ﴾: في هذه اللام ثلاثةُ أوجه، أحدها: أنها لامُ الأمرِ الجازمةُ على معنى الحَتْمِ عليهم، والصِّغارِ الموجبِ لهم، وعلى هذا فقد تَمَّ الكلامُ عند قولِه "الأوَّلين"، ثم اسْتُؤْنِف أَمْرُهم بذلك. الثاني: أنها لام العاقبة، أي: كان عاقبةُ قولِهم ذلك، لأنهم لم يقولوا "أساطير" لِيَحْمِلوا، فهو كقولِه تعالى ﴿لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً﴾ وقوله:
٢٩٧٠- لِدُوا للموتِ وابْنُوا للخرابِ *...................................
الثالث: أنَّها للتعليل، وفيه وجهان: أحدهما: أنه تعليلٌ مجازيٌّ. قال الزمخشري: "واللامُ للتعلشلِ مِنْ غيرِ أن يكونَ غرضاً نحو قولِك: خرجْتُ من البلد مخافةَ الشرِّ". والثاني: أنه تعليلٌ حقيقةً. قال ابن عطية: -بعد حكاية وجهِ لامِ العاقبة- "ويُحتمل أن تكونَ صريحَ لامِ كي، على معنى: قَدَّر هذا لكذا" انتهى. لكنه لم يُعَلِّقُها بـ "قالوا" إنما قَدَّرَ لها علةَ "كيلا"، وهو قَدَّر هذا، وعلى قول الزمخشري يتعلَّقُ بـ "قالوا"؛ لأنها ليست لحقيقةِ العلَّةِ. و "كاملةً" حالٌ.
(٩/٢٣٨)
---