قوله تعالى: ﴿لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ﴾: الضميرُ في "يَعْلمون" يجوز أن يكونَ للكفار، أي: لِما لا يَعْلم الكفار، ومعنى لا يَعْلمونها: أنهم يُسَمُّوها آلهةً، ويعتقدون أنها تَضُرُّ وتنفع وتسمعن وليس الأمر كذلك. ويجوز أن يكونَ للآلهة وهي الأصنامُ، أي: لأشياءَ غيرِ موصوفةٍ بالعلم.
و "نصيباً" هو المفعول الأول، والجارُّ قبلَه هو الثاني، أي: ويُصيِّرون للأصنام نصيباً. و ﴿مِّمّا رَزَقْنَاهُمْ﴾ يجوز أن يكونَ نعتاً لـ "نصيباً"، وأن يتعلَّقَ بالجَعْلِ. فـ "مِنْ" على الأول للتبعيض، وعلى الثاني للابتداء.
* ﴿ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ﴾: يجوز فيه وجهان، أحدُهما: أن هذا جملةٌ مِنْ مبتدأ وخبر، أي: يجعلون لله البناتِ، ثم أخبر أنَّ لهم ما يَشْتَهون. وجوَّز الفراء والحوفيُّ والزمخشريُّ وأبو البقاء أن تكونَ "ما" منصوبةَ المحلِّ عطفاً على "البناتِ" و "لهم" عطفٌ على "الله"، أي: ويجعلون لهم ما يشتهون.
قال الشيخ: "وقد ذَهَلُوا عن قاعدةٍ نحوية: وهو أنه لا يتعدَّى فِعْلُ المضمرِ المتصلِ إلى ضميره المتصل إلا في باب ظنَّ وفي عَدَمِ وفَقَد، ولا فرقَ بين أن يتعدَّى الفعلُ بنفسِه أو بحرفِ الجر، فلا يجوز: "زيدٌ ضربه"، أي: ضربَ نفسَه، ولا "زيدٌ مَرَّ به"، أي: مرَّ بنفسه، ويجوز: زيدٌ ظنَّه قائماً"، و "زيدٌ فَقَده" و "هَدِمه"، أي: ظنَّ نفسَه قائماً وفَقَد نفسه وعَدِمها. إذ تقرَّر هذا فَجَعْلُ "ما" منصوبةً عطفاً على "البنات" يؤدِّي إلى تعدَّى فِعْلِ المضمرِ المتصل وهو واو / "يَجْعَلون" إلى ضميرِه المتصل، وهو "هم" في "لهم". انتهى ملخصاً.
(٩/٢٦٦)
---