قوله تعالى: ﴿فَهُمْ فِيهِ سَوَآءٌ﴾: في هذه الجملةِ أوجهٌ، أحدُها: أنها على حَذْفِ أداةِ الاستفهام تقديرُه: أَفَهُمْ فيه سواءٌ، ومعناه النفيُ، أي: ليسوا مُسْتَوين فيه. الثاني: أنها إخبارٌ بالتساوي، بمعنى: أن ما تُطْعِمونه وتُلْبِسونه للمماليككم إنما هو رِزْقي أَجْرَيْتُه على أيديهم، فهم فيه سواءٌ. الثالث: قال أبو البقاء: "إنها واقعةٌ موقعَ فعلٍ"، ثم جَوَّز في ذلك الفعلِ وَجْهَيْنِ، أحدهما: أنه منصوبٌ في جوابِ النفي تقديرُه: فما الذين فُضِّلوا برادِّي رزقِهم على ما ملكَتْ أيمانُهم فيَسْتَوُوا. والثاني: أنه معطوفٌ على موضع "برادّي" فيكون مرفوعاً تقديرُه: فما الذين فُضِّلوا يَرُدُّون فما يَسْتَوُوْن.
وقرأ أبو بكر "تَجْحَدون" بالخطابِ مراعاةً لقولِه "بعضَكم"، والباقونَ بالغَيْبَةِ مراعاةً لقولِه ﴿فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُواْ﴾.
* ﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿وَحَفَدَةً﴾: في "حَفَدَة" أوجهُ. أظهرُها: أنه معطوفٌ على "بنين" بقيدِ كونِه من الأزواج، وفُسِّر هنا بأنه أولادُ الأولادِ. الثاني: أنه مِنْ عطفِ الصفاتِ لشيءٍ واحدٍ، أي: جَعَلَ لكم بنينَ خَدَماً، والحَفَدَةُ: الخَدَمُ. الثالث: أنه منصوبٌ بـ "جَعَلَ" مقدرةً، وهذا عند مَنْ يُفَسِّر الحَفَدة بالأعوان والأَصْهَار، وإنما احتيج إلى تقدير "جَعَلَ" لأنَّ "جَعَلَ" الأولى مقيدةٌ بالأزواج، والأعوانُ والأصهارُ ليسوا من الأزواج.
(٩/٢٨٠)
---