---
وقرأ علقمةُ وطلحةُ "يُوَجَّهْ" بهاءٍ واحدة ساكنةٍ للجزم والفعلُ مبنيٌّ للمفعولِ، وهي واضحةٌ.
وقرأ ابن مسعود أيضاً "تُوَجِّهْه" كالعامَّةِ، إلا أنه بتاء الخطاب وفيه التفاتٌ.
وفي الكلام حَذْفٌ، وهو حَذْفُ المقابلِ لقوله ﴿أَحَدُهُمَآ أَبْكَمُ﴾ كأنه قيل: والآخرُ ناطِقٌ متصرفٌ في مالِه، وهو خفيفٌ على مولاه، أينما يُوَجِّهْهُ يأتِ بخيرٍ. ودَلَّ على ذلك قولُه: ﴿هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ﴾.
ونَقَلَ أبو البقاء أنه قُرِئ "أينما تَوَجَّهَ" فعلاً ماضياً، فاعلُه ضميرُ الأبكم.
وقوله: ﴿وَمَن يَأْمُرُ﴾ الراجحُ أَنْ يكونَ مرفوعاً عطفاً على الضميرِ المرفوعِ في "يَسْتوي"، وسَوَّغَه الفصلُ بالضمير. والنصبُ على المعيَّة مرجوحٌ. ﴿وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ الجملةُ: إمَّا إستئنافٌ أو حالٌ.
* ﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَآ أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾
قوله تعالى: ﴿أَوْ هُوَ أَقْرَبُ﴾: أي: أو أَمْرٌ، فالضميرُ للأمر، والتقدير: أو أمرُ الساعةِ أقربُ من لَمْحِ البصر.
* ﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً﴾: الجملةُ حالٌ مِنْ مفعول "أَخْرجكم"، أي: أخرجكم غيرَ عالِمين. و "شيئاً" إمَّا مصدر، أي: شيئاً من العلم، وإمَّا مفعولٌ به. والعِلْمُ هنا العِرْفان. وقد تقدَّم الكلامُ في "أمَّهاتكم" في النساء.
قوله: "وَجَعَلَ" يجوز أن يكونَ معطوفاً على "أَخْرجكم" فيكونَ داخلاً فيما أَخْبر به عن المبتدأ، ويجوز أن يكونَ مستأنفاً.
(٩/٢٨٥)
---