والأَفْئِدَةُ: جمعُ "فؤاد" وقد تقدَّم. وقال لارازي: "إنما جُمِعَ جَمْعَ قِلَّة؛ لأنَّ أكثرَ الناسِ مشغولون بأفعالٍ بهيمية فكأنهم لا فؤاد لهم". وقال الزمخشري: "إنه من الجموع التي استُعْمِلت للقلة والكثرة، ولم يُسمع فيها غيرُ القلة، نحو: "شُسُوع" فإنها للكثرة، ويستعمل في القَلّة، ولم يُسْمَع غيرُ شُسُوع". كذا قال، وفيه نظر. سُمِع منهم "أَشْسَاع" فكان ينبغي أن يقول: غَلَبَ شُسُوع.
* ﴿ أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَآءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللَّهُ إِنَّ فِي ذالِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿مَا يُمْسِكُهُنَّ﴾: يجوز أن تكون الجملةُ حالاً من الضمير المستتر في "مُسَخَّراتٍ"، ويجوز ان تكونَ من "الطير"، ويجوز أن تكونَ مستأنفةً.
* ﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَآ أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ ﴾
قوله تعالى: ﴿سَكَناً﴾: يجوز أن يكونَ مفعولاً اولَ، على أنَّ الجَعْلَ تصييرٌ، والمفعولُ الثاني أحدًُ الجارَّيْنِ قبله. ويجوز أن يكونَ الجَعْلُ بمعنى الخَلْقِ فيتعدَّى لواحدٍ. وإنما وَحَّد السَّكن لأنه بمعنى ما تَسْكُنُون فيه، قاله أبو البقاء: وقد يُقال: إنه في الأصل مصدرٌ، وإليه ذهب ابن عطية فتوحيدُه واضحٌ. إلا أنَّ الشيخ منه كونَه مصدراً، ولم يذكر وَجْهَ المنعِ، وكأنه اعتمد على قولِ أهل اللغة أن "السَّكَن" فَعَل بمعنى مَفْعُول كالقَبْضِ والنَّقَض بمعنى المقبوض والمنقوض، وأنشد الفراء:
٣٠٠٨- جاء الشتاءُ ولَمَّا أتخِذْ سَكَناً * يا ويحَ نفسي مِنْ حَفْرِ القراميصِ
(٩/٢٨٦)
---


الصفحة التالية
Icon